وَتَصِحُّ عَلَى الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ,
ــ
تنبيهان:
أحدهما: قال ابن الصلاح: المراد من تفسير اللغو ببلى والله ولا والله: أن يقول أحدهما مرة والآخر أخرى, أما إذا جمعهما في كلام واحد .. فقال الماوردي: الأولى لغو؛ لأنها غير مقصودة, والثانية منعقدة؛ لأنها استدراك مقصود منه, وكلام الإمام والغزالي يقاضي: أن لغو اليمين أن يقصد اللفظ دون الحكم.
الثاني: من حلف وقال: لم أقصد اليمين .. ففي الطلاق والعتاق والإيلاء لا يصدق في الظاهر؛ لتعلق حق الغير.
قال الإمام: وفي اليمين أيضا لو اقترن بها ما يدل على القصد .. لم يصدق ظاهرا.
قال: (وتصح على الماضي والمستقبل)؛ لأن لفظ اليمين يقع عليها, قال تعالى: {ولَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ} , فعم الماضي والمستقبل, وقال: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا} , وقال: {ويَحْلِفُونَ عَلَى الكَذِبِ وهُمْ يَعْلَمُونَ}.
وقال صلى الله عليه وسلم: (لأغزون قريشا ثلاث مرات) رواه أبو داوود [٣٢٧٨] وابن حيان [٤٣٤٣].
فمن حلف على الماضي كاذبا عالما .. فهي اليمين الغموس, سميت بذلك؛ لأنها تغمس صاحبها في الإثم أو في النار, وهي من الكبائر.
ففي (البخاري) [٢٦٥٣] عن عبد الله بن عمرو بن العاصي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الكبائر: الإشراك بالله, وعقوق الوالدين, وقتل النفس, واليمين الغموس).
وتجب الكفارة بها, وتعلق الإثم لا يمنع وجوبها, كما أن الظهار منكر من القول وزور وتتعلق به الكفارة, وإن كان جاهلا .. ففي وجوب الكفارة قولا, كما لو فعل المحلوف عليه ناسيا.
وقال الأئمة الثلاثة: لا تجب الكفارة باليمين الغموس.
والذي أطلقه المصنف من انعقاد الغموس صرح به جماعة منهم القاضي حسين.