قال:(وفي غيره القولان) أي: قولا حنث الناسي، وكذلك الحكم لو استوفى حقه ثم وجد به عيبًا .. لا يخرجه عن إطلاق الاسم، لكن أرشه كثير لا يسمح به، فإن علم بذلك قبل التفرق .. حنث، أو بعده .. خرج على قولي المكره، وإن كان الأرش قليلًا .. لم يحنث.
فإن قيل: نقصان القدر وإن قل يوجب الحنث، فهلا أوجبه عيب قليل الأرش؟ .. قلنا: لأن نقص القدر محقق والأرش مظنون.
فإن قيل: فلا تحنثوه إذا كثر الأرش .. قيل: لأن الظن يقوى إذا كثر ويضعف إذا قل، قاله الماوردي.
قال:(أو لا أرى منكرًا إلا رفعته إلى القاضي، فرأى وتمكن فلم يرفع حتى مات .. حنث)؛ لتفويته البر باختياره، فإن لم يتمكن .. فخلاف المكره، ولا تلزمه المبادرة إلى الرفع، بل له المهلة مدة عمره وعمر القاضي، فمتى رفعه إليه .. بر.
ولا يشترط في الرفع أن يذهب إليه مع صاحب المنكر، بل يكفي أن يحضر عند القاضي وحده فيخبره، أو يكتب إليه بذلك، أو يرسل رسولًا فيخبره.
قال:(ويحمل على قاضي البلد، فإن عزل .. فالبر بالرفع إلى الثاني)؛ لأن التعريف بـ (أل) يرجع إليه.
وقيل: لا يختص به، بل يرفع إلى أي قاض كان، وتكون الألف واللام للجنس.
فإن كان في البلد قاضيان .. فيرفع إلى من شاء منهما، فإن كان كل منهما في جانب .. فيظهر أن يتعين قاضي الشق الذي فيه فاعل المنكر، كذا في (الجواهر)، وفيه نظر.
قال:(أو إلا رفعته إلى قاض .. برَّ بكل قاض)، سواء كان في تلك البلد أو غيرها.