وحكى ابن العربي: أنه حضر فخر الإسلام الشاشي عمن حلف لا يلبس ثوبًا معينًا واحتاج إلى لبسه، فأمره أن يسل منه خيطً ثم يلبسه.
وإن حلف لا يكلم الناس .. حنث إذا كلم واحدًا، وإن قال: لا اكلم ناسًا .. فثلاثة.
تتمة:
سئل بعض العلماء عن رجل حلف لينفرد بعبادة لله تعالى لا يشاركه فيها غيره، أو نذر ذلك، فقال: لا سبيل إلى ذلك إلا بأن يطوف بالبيت منفردًا، قال: وفي معنى ذلك الانفراد بالإمامة العظمى؛ فإن الإمام لا يكون إلا واحدًا، فإذا انفرد بها واحد .. فقد قام بعبادة هي أعظم العبادات، وعليه حمل قول سليمان صلوات الله عليه وسلامه:{وهَبْ لِي مُلْكًا لاَّ يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي}؛ فإنه انفراد بهذه العبادة، وهي القيام بمصالح الإنس والجن والطير وغيرها.
ولنختم الباب بأصول مأثورة وفروع منثورة في (فتاوى القفال) و (البحر) وغيرهما.
حلف لا يكلم زيدًا ثم ولاه ظهره، ثم قال: يا جدار افعل كذا .. لم يحنث وإن كان غرضه إفهام زيد، وكذا إذا أقبل على الجدار وتكلم ولم يقل يا زيد ولا يا جدار .. لم يحنث؛ لأن عائشة لما أرادت الخروج إلى البصرة .. أشارت عليهما ام سلمة أن لا تفعل وحلفت إن خرجت أن لا تكلمها، فخرجت، فلما عادت إلى المدينة كانت أم سلمة تقول بحضرتها: يا حائط؛ ألم أقل لك؟ يا حائط؛ ألم أنهك؟ ففعلت غرضها وسلمت من الحنث.
وفي (الحاوي): لو حلف لا يتزوج امرأة كان لها زوج فطلق امرأته ثم تزوجها .. لم يحنث؛ لأن اليمين تنعقد على غير زوجنه التي هي في نكاحه، فإن كانت بائنًا فتزوجها .. حنث.
ومنها: رجل له على آخر دين، فقال: إن لم أقبضه منك اليوم .. فامرأتي