قال:(وإلا) أي: وإن لم يتعين عليه (فإن كان غيره أصلح وكان يتولاه .. فللمفضول القبول) بناء على أن الإمامة العظمى تنعقد للمفضول مع وجود الفاضل وهو الأصح، لأن تلك الزيادة خارجة عن حد الإمامة، والقضاء أولى بالجواز؛ لإمكان التدارك فيه بنظر من فوقه من الولاة، بخلاف الإمام.
قال:(وقيل: لا) أي: لا يجوز القبول بناء على منع الانعقاد.
ويدل له ما روى الحاكم [٤/ ٩٢] والبيهقي [١٠/ ١١٨]: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من استعمل رجلًا على عصابة وفي تلك العصابة من هو أرضى لله عنه .. فقد خان الله ورسوله وجماعة المسلمين).
وقال الماوردي: محل القولين: إذا لم يكن عذر في تولية المفضول، فإن كان بأن كان أطوع في الناس أو أقرب إلى القلوب، أو كان الأفضل غائبًا أو مريضًا .. انعقدت قطعًا، فإن منعنا ولاية المفضول .. حرم الطلب والتولية والقبول، وإن أجزنا .. جاز القبول، وكره الطلب، وقيل: يحرم.
واحترز بقوله:(وكان يتولاه) عما إذا كان لا يصلح ولا يتولاه .. فإنه كما لو لم يوجد.
قال:(ويكره طلبه)؛ لما فيه من الخطر، لأن الولاية تفيد قوة بعد ضعف، وقدرة عن عجر، تتخذها النفس المجبولة على الشر ذريعة إلى الانتقام من العدو، والنظر للصديق، وتتبع الأغراض الفاسدة، ولا يوثق بحسن عاقبتها وسلامة مجاورتها، فالأولى أن لا يطلب ما أمكن، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن سمرة:(لا تسأل الإمارة؛ فإنك إن أعطيتها عن مسألة .. وكلت إليها، وإن أعطيتها من غير مسألة .. أعنت عليها) متفق عليه [خ ٦٦٢٢ – م ١٦٥٢].