للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقال عمر بن عبد العزيز: لا ينبغي أن يكون القاضي قاضيًا حتى تكون فيه خمس خصال: العفة والحلم والعلم واستشارة ذوي الرأي وأن لا يبالي بملامة الناس.

وقال القاضي أبو الطيب: من جمع شرائط القضاء ولكن بلسانه لكنة تمنعه من تقويم (الفاتحة جاز أن يولى القضاء.

ويستحب أن يكون القاضي كامل الأعضاء، قرشيًا، حسن الصفات والخط، ولا يشترط أن يحسن الكتابة على الأصح، وأن يكون زائد الورع، كثير التقوى، خاليًا عن الشبهة في الاعتقاد، متضلعًا بعلوم الشروط والأقضية، متصفًا بكل صفة جميلة تزيده هيبة في النفوس وعظمة.

ورعاية العلم والتقوى أولى من رعاية النسب، وأن يكون حكيمًا ذا فطنة ويقظة لا يؤتى من غفلة ولا يخدع لغرة، صحيح الحواس، عالمًا بلغات أهل ولايته، جامعًا للعفاف نزهًا، بعيدًا من الطمع، بريئًا من الشحناء، صدوق اللهجة، ذا رأي ومشورة، إذا وعد وفى، لين الكلمة، ظاهر السكينة والهيبة والوقار.

وروي: أن عليًا ولى أبا الأسود الدؤلي القضاء ساعة ثم عزله فقال: لمَ عزلتني؟ فو الله ما خنت ولا جنيت! فقال: (بلغني أن كلامك يعلو الخصوم).

وقال الحليمي: ينبغي للإمام أن لا يولي الحكم بين الناس إلا من جمع إلى العلم السكينة والتثبت، وإلى الفهم الصبر والحلم، وكان عدلًا أمينًا، نزهًا عن المطاعم الدنيئة، ورعًا عن المطامع الرديئة، شديدًا قويًا في ذات الله، متيقظًا متحفظًا من سخط الله، ليس بالنكس الخوار فلا يهاب، ولا المتعظم الجبار فلا ينتاب، بل وسطًا خيارًا.

ولا يدع الإمام مع ذلك أن يديم الفحص عن سيرته والتعرف بحاله وطريقته، فيقابل منه ما يجب تغييره بعاجل التغيير، وما يجب تقريره بأحسن التقرير، وأن يكف الأمراء والعمال عن معارضته ومزاحمته، ويأمرهم جميعًا بطاعته فيما يتصل بالانقياد للأحكام من نقض أو إبرام.

ويتوقى أن يقال في ولايته: هذا حكم الله وهذا حكم الديوان؛ فإن هذا شرك

<<  <  ج: ص:  >  >>