فلا بأس؛ صلى الله عليه وسلم قضى فيه بين المتلاعنين، وبين الزبير وصاحب شراج الحرة وغيرهما، فهذه تستثنى من الكراهة، وكذلك إذا احتاج إليه لعذر من مطر ونحوه، وإقامة الحدود فيه أشد كراهة، كذا نص عليه.
وقال الخفاف: تحرم إقامتها فيه، وهو مقتضى كلام الماوردي في (الإقناع)، وبه جزم ابن الصباغ والبنذنيجى، والرافعي في آخر (باب الشرب)؛ فإنه قال: لاتقام الحدود فيه، ويسقط الفرض لو أقيمت كما لو صلى في مكان مغصوب.
قال:(ويكره أن يقضي في حال غضبه)؛ لما روى الشيخان [خ ٧١٥٨ - م ١٧١٧] عن أبي بكرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان).
وفي (شعب البيهقي)[٨٠٣٦]: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الغضب يفسد الإيمان كما يفسد الصبر العسل).
وروى البخاي [٦١١٦] عن أبى هريرة: أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أوصني فقال: (لا تغضب (فكرر السؤال مرارًا وهو يقول: (لا تغضب) زاد البيهقي [١٠/ ١٠٥]: قال الرجل ففكرت حين قال صلى الله عليه وسلم ما قال؛ فإذا الغضب يجمع الشر كله.
وروى أبو داوود [٤٧٤٤] والترمذي [٢٠٢١] عن معاذ: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كظم غيظًا وهو قادر على أن ينفذه .. دعاه الله سبحانه على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره من الحور ما شاء (
وفي (الصحيحين) [خ ٦١١٤ - ٢٦٠٨] عن أبى هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) وما جزم به المصنف من الكراهة هو المشهور.
وشذ الماوردي فقال: إنه خلاف الأولى، وخص الإمام والبغوي وغيرهما