للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِنْ أَهْدَى إِلَيْهِ مَنْ لَهُ خُصُومَهٌ أَوْ لَمْ يُهْدِ قَبْلَ وِلاَيَتِهِ .. حَرُمَ قَبُولُهَا، وَإِنْ كَانَ يُهْدِي وَلاَ خُصُومَةَ لَهُ .. جَازَ بِقَدْرِ الْعَادَةِ، وَالأَوْلى أَنْ يُثِيبَ عَلَيْهَا

ــ

قال: (فإن أهدى إليه من له خصومة أو لم يهد قبل ولايته .. حرم قبولها، وإن كان يهدي ولا خصومة له .. جاز بقدر العادة، والأولى أن يثيب عليها).

الذي يأخذه الحكام من الرعية من غير عوض ينقسم إلى هدية ورشوة وقد تقدما، والأولى للحاكم أن يسد باب الهدية؛ لأنه أبعد عن التهمة، ثم ينظر فإن كان للمهدي خصومة في الحال .. حرم قبول هديته؛ أنه يدعو إلى الميل إليه، وانكسار قلب خصمه، وإن لم تكن له خصومة فإن لم تعهد منه الهدية قبل توليه القضاء .. حرم قبولها منه في محل ولايته؛ لأن هذه هدية سببها العمل ظاهرًا.

وقال صلى الله عليه وسلم: (هدايا العمال غلول) ويروى: (سحت) الأول رواه أحمد [٥/ ٤٢٤] والبيهقي [١٠/ ١٣٨] بإسناد حسن.

وأيضًا القاضي نائب الشرع فيجب أن يصون منصبه عن التهمة؛ كي ينقاد الناس إلى أحكامه، ولا يجدوا في أنفسهم حرجًا مما قضى به عليهم.

والنبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل الهدية؛ لأنه معصوم، وغيره ليس كذلك.

روى البيهقي [١٠/ ١٣٨]: أن رجلًا كان يهدي إلى عمر كل سنة فخذ جزور، فجاء يخاصم إليه فقال: يا أمير المؤمنين؛ اقض بيننا قضاء فصلا كما تفصل الفخذ من الجزور، فكتب عمر إلى عماله: لا تقبلوا هدية؛ فإنها رشوة.

وقال عمر بن عبد العزيز: كانت الهدية في زمن النبي صلى الله عليه وسلم هدية، واليوم رشوة فإن زاد المهدي على القدر المعهود منه .. صارت كهدية من لم تعهد منه الهدية.

وقال الماوردي والروياني: إن كانت الزيادة من جنس الهدية .. جاز قبولها؛

<<  <  ج: ص:  >  >>