وعند مالك وأحمد: أنه إذا نقض وكان به مكتوب .. يقطع، ولم يذكره أصحابنا، والظاهر: أنه إذا خصمعلى ظاهره بالنقض .. كفى.
قال:(لاخفي)؛ لأن الظنون المتعادلة لو نقض بعضها ببعض .. لما استمر حكم، ولشق الأمر على الناس.
و (الخفي): ما لا يزيل احتمال الموافقة ولا يبعده، فمنه ما علته مستنبطة كقياس الأرز على البر بعلة الطعم، وجعله ابن القاص من الجلي، والصحيح الأول. ومنه: قياس الشبه، وهو أن تشبه الحادثة أصلين فتلحق بأشبههما، هذا إذا جعلنا قياس الشبه حجة، وفيه خلاف لأصحابنا.
فإذا بان له الخطأ بقياس خفي لكنه أرجح مما حكم به وأنه الصواب .. فليحكم فيما يحدث بعد ذلك به، ولا ينقض ما حكم به أولًا، بل يمضيه.
وقد تقدم عن عمر أنه حكم بحرمان الأخ من الأبوين في المشركة، ثم شرك بعد ذلك ولم ينقض قضاءه الأول، وقال:(ذاك على ما قضينا، وهذا على ما نقضي)، وقضى في الجد يمئة قضية مختلفة كما تقدم.
فائدة:
الصحيح: أن المصيب في المسائل الفرعية الاجتهادية واحد، والذاهب إلى غيره مخطئ لا إثم عليه.
والثاني: أن كل مجتهد مصيب؛ لأن كلًا منهم مأمور بالعمل بما غلب على ظنه، وغير الحق لا يؤمر بالعمل به.
واستدل الفريقان بالحديث المتقدم أول الباب:(إذا حكم الحاكم فاجتهد .. فله أجران، وإن أخطأ .. فله أجر) فالقائلون: كل مجتهد مصيب قالوا: قد جعل للمخطئ أجرًا فلولا إصابته .. لم يكن له أجر.