والثاني: لا يقبل، ونسبه الماوردي إلى الأكثرين؛ للمناقضة، فلنفيه البينة ثلاث صور:
إحداها: لا بينة لي حاضرة، فإذا أحضرها .. سمعت جزمًا.
الثانية: لا بينة لي حاضرة ولا غائبة، ثم يأتي ببينة، والأصح في (أصل الروضة) سماعها.
الثالثة: لا بينة لي، وهي صورة الكتاب، فلو قال: شهودي عبيد أو فسقة، ثم يأتي بأحرار عدول .. قبلت شهادتهم إن مضى زمان يمكن فيه العتق والاستبراء، كذا قاله الشيخان.
وينبغي القبول وإن لم يمض الزمان كما لو قال: لا بينة لي؛ لأنه قد لا يطلع على الحرية والعدالة، ثم يطلع عليهما.
ولو قال: كل بينة أقيمها باطلة أو كاذبة أو بينة زور، ثم أحضرها .. قبلت في الأصح؛ لأنه ربما لم يعرف أو نسي ثم عرف وتذكر.
والثاني: لا؛ للمناقضة، إلا أن يذكر لكلامه تأويلًا، ككنت جاهلًا أو ناسيًا، ونسبه الماوردي والروياني إلى الأكثيرين.
فرع:
قال المدعي للمدعى عليه: أبرأتك من اليمين .. سقط حقه من اليمين في هذه الدعوى، وله استئناف الدعوى وتحليفه، كذا قاله الشيخان.
قال ابن الرفعة: يظهر أنه لا تسوغ الدعوى عليه ثانيًا؛ لانقطاع الخصومة.
قال:(وإذا ازدحم خصوم .. قدم الأسبق)؛ لأنه أحق من المتأخر بسبقه، والاعتبار بسبق المدعي دون المدعي عليه.
قال:(فإن جهل أو جاؤوا معًا .. أقرع)؛ قطعًا للمنازعة، فإن آثر بعضهم بعضًا .. جاز، فإن كثروا وعسر الإقراع .. كتب أسماءهم في رقاع ووضعت بين يديه