للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَنَّهُ لاَ يَلْزَمُ الْقَاضِيَ نَصْبُ مُسَخَّرٍ يُنْكِرُ عَنِ الْغَائِبِ، وَيَجِبُ أَنْ يُحَلَّفَهُ بَعْدَ الْبَيِّنَةِ: أَنَّ الْحَقَّ ثَابِتٌ فِي ذِمَّتِهِ، وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ،

ــ

القاضي .. يسمع بينته ويوفيه، سواء كان مقرًا أو جاحدًا.

ويقوم مقام الجحود ما في معناه، كما لو اشترى عينًا وخرجت مستحقة فادعى الثمن على البائع الغائب .. فلا خلاف أنها تسمع وإن لم يذكر الجحود؛ لأن إقدامه على البيع كاف في الدلالة على جحوده، قاله الإمام والغزالي.

قال: (وأنه لا يلزم القاضي نصب مسخر ينكر عن الغائب)؛ لأن الغائب قد يكون مقرًا فيكون إنكار المسخر كذبًا.

قال الرافعي: ومقتضى هذا التوجيه: أنه لا يجوز نصب المسخر، لكن الذي أورده أبو الحسن العبادي وغيره أنه مخير بين النصب وعدمه.

والثاني: يلزمه؛ لتكون البينة على إنكار منكر، قال في (المطلب (: وهو قياس المذهب في الدعاوي على التمرد.

قال: (ويجب أن يحلفه بعد البينة: أن الحق ثابت في ذمته)؛ لأن المدعى عليه لو كان حاضرًا .. لكان له أن يدعي براءته منه ويحلفه، فينبغي للقاضي أن يحتاط له فيحلفه بعد قيام البينة وتعديلها أنه ما أبرأ عن الدين الذي يدعيه ولا عن شيء منه، ولا اعتاض ولا استوفى ولا أحال عليه، ولا أخذ من جهته، بل هو ثابت في ذمة المدعى عليه، يلزمه أداؤه.

ويجوز أن يقتصر في حلفه على ثبوت المال في ذمته ووجوب تسليمه.

وفيما قاله الجمهور إشكال؛ لأن المدعى عليه لو كان حيًا حاضرًا عاقلًا وقال بعد إقامة البينة: حلِّفْهُ على استحقاقه ما ادعاه .. لم يجب إليه؛ لأن فيه قدحًا في البينة، فكيف يحلفه عليه في غيبته؟!

وأجاب بعضهم بفرض المسألة فيما إذا قامت البينة على إقراره، فإن المدعى عليه لو كان حيًا حاضرًا عاقلًا وصدق الشهود ولكن قال: أشهدت على أنه يقبضني فلم يقبضني .. كان له تحليفه على الصحيح.

قال: (وقيل: يستحب)؛ لأن دعوى الأداء والإبراء دعوى جديدة لا تفوت،

<<  <  ج: ص:  >  >>