وفي عبارة المصنف تجوز، والذي في (المحرر) و (الروضة) وغيرهما الإسلام والحرية والتكليف، وهو الصواب.
وقبل أبو حنيفة شهادة بعض الكفار على بعض، وأحمد في الوصية عند فقد المسلم؛ لقوله تعالى {أَوْءِاخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} عملاً بتفسير ابن عباس وأبي موسى الأشعري.
وعورضا بقول الحسن والزهري وغيرهما: من غير عشيرتكم، وأيده الشافعي بقوله تعال:{تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاَةِ}، والصلاة للمسلمين.
وقيل: الآية منسوخة بقوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَى عَدْلٍ مِّنكُمْ}، وأنكر ابن حزم دعوى النسخ فيها؛ لأن المائدة من آخر ما نزل لم ينسخ منها شيء، ولا خلاف أنها نزلت بسبب تميم الداري وعدي بن بداء.
روى البخاري [٢٧٨٠] والدارقطني [٤/ ١٦٨] وغيرهما عن ابن عباس قال: كان تميم الداري وعدي يختلفان إلى مكة، فخرج معهما فتى من بني سهم، فتوفي بأرض ليس بها مسلم، فأوصى إليهما فدفعا تركته إلى أهله، وحبسا جامًا من فضة مخوصًا بالذهب، فاستحلفهما النبي صلى الله عليه وسلم:(ما كتمتما ولا اطلعتما؟) ثم وجد الجام بمكة فقالوا: اشترينا من عدي وتميم، فجاء الرجلان من ورثة السهمي فحلفا أن هذا الجام للسهمي، ولشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا قال:(فأخذوا الجام) وفيه نزلت هذه الآية، لفظ الدارقطني.
وروى الترمذي [٣٠٥٩] عن تميم الداري في هذه الآية: أن تميمًا وعدي بن بداء كانا نصرانيين يختلفان إلى الشام قبل الإسلام، فأتيا الشام بتجارتهما وقدم عليهما مولىَ لبني سهم يقال له: بديل ابن أبي مريم بتجارة ومعه جام من فضة يريد به الملك، وهو عظم تجارته، فمرض فأوصى إليهما وأمرهما أن يبلغا ما ترك أهله.
قال تميم: فلما مات أخذنا ذلك الجام فبعناه بألف درهم، ثم اقتسمناها أنا وعدي بن بداء، فلما قمنا إلى أهله .. دفعنا إليهم ما كان معنا، وفقدوا الجام، فسألونا عنه فقلنا: ما ترك غير هذا، وما دفع إلينا غيره.