للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

واعتبر الشافعي الأغلب، فإن كان الغالب الطاعة وندرت المعصية في بعض الأوقات .. فهو عدل، وإن كان الغالب الصغائر .. فهو فاسق وترد شهادته؛ لقوله تعالى: {فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُم}، فاعتبر الكثرة والغلبة؛ لأن في النفس دواعي الطاعات ودواعي المعاصي فاعتبر الأغلب كما قيل [من الرجز]:

من لك بالمحض وليس محض .... يخبث بعض ويطيب بعض

وهو كما يعتبر في الماء إذا اختلط بمائع.

وفسر الرافعي الإصرار بالمداومة على الفعل، لكنه قال: هل هو المداومة على نوع من الصغائر أو الإكثار من الصغائر سواء كانت من نوع أو أنواع؟ فيه وجهان، كلام الشافعي والجمهور يوافق الثاني.

فعلى هذا: لا تضر المداومة على نوع من الصغائر غذا غلبت الطاعات، وعلى الأول تضر.

وقال ابن عبد السلام: الإصرار: أن تتكرر منه الصغيرة تكرارًا يشعر بقلة مبالاته بذنبه إشعار ارتكاب الكبيرة بذلك، قال: وكذلك إذا اجتمعت صغائر مختلفة الأنواع بحيث يشعر مجموعها بما يشعر به الإصرار على أصغر الصغائر.

وعطف المصنف (الإصرار) على (الكبائر) من عطف الخاص على العام؛ لأن الإصرار كبيرة.

وحكى الزبيلي في (أدب القضاء) وجهًا: أنها لا تصير بالإصرار كبيرة، كما أن الكبيرة لا تصير بالمواظبة كفرًا.

وقال الأستاذ أبو إسحاق: ليس في الذنوب صغيرة، ولم ينفرد بذلك؛ فقد قال به ابن عباس وطوائف من المتكلمين، ونسبه القاضي عياض إلى المحققين، وهو مشهور عند الأشعرية وإن كان غريبًا عند الفقهاء.

وقال في (البسيط): إنكار الفرق بين الصغيرة والكبيرة لا يليق بالفقه، وقد فهما من مدارك الشرع.

<<  <  ج: ص:  >  >>