ولو دعي للأداء عند أمير أو وزير .. فقال ابن القطان: لا تلزمه الإجابة، وقال ابن كج والماوردي والروياني: تلزمه إذا علم وصول الحق إلى ذي الحق بذلك.
قال المصنف: قول ابن كج أصح، وينبغي أن يحمل قول ابن كج على ما إذا لم يخلص إلا عند الأمير أو الوزير، وإليه يرشد قولهم: إذا علم أنه يصل به إلى الحق، فلو علم أن القاضي يقدر على تخليصه .. فلا وجه لإقامة الشهادة عند من ليس أهلًا لسماعها.
وقد جزم المصنف في (باب القضاء على الغائب) بأن سماع البينة يختص بالقضاة، والرافعي نقله عن (الوسيط) فقط، وقد تقدمت الإشارة إلى هذا قبل (كتاب الردة) بورقة.
وإذا قال ذو الحق للشاهد: عفوت عن هذه الشهادة، ثم طلبها منه، لزمه أداؤها؛ لأنه حق الله تعالى لا يسقط بالإسقاط.
وإذا دعي الشاهد في وقت واحد إلى شهادتين بحقين متساويين .. تخير في إجابة من شاء منهما، فإن اختلف الحقان .. بدأ بأخوفهما فوتًا، فإن لم يخف .. تخير، ويحتمل الاقراع، قاله الشيخ عز الدين.
وإذا امتنع الشاهد من أداء الشهادة حياء من المشهود عليه .. عصى، ولا يجوز للقاضي قبول شهادته في شيء أصلًا حتى يتوب، قاله القاضي حسين.
ولو قال شخص للقاضي: لي عند فلان شهادة وهو ممتنع من أدائها بغير عذر فأحضره ليشهد .. لم يجبه القاضي؛ لأنه فاسق بزعمه.
وفي (الحاوي): لو امتنع من الأداء وقال: ليس الحاكم عندي مستحقًا للحكم لفسق أو جهل .. لزمه الأداء، وليس للشاهد اجتهاد في صحة التقليد وفساده.
وقال أحمد: لا يلزمه، وإنما يلزمه عند من يرضى من الحكام.
وحكي أن الإمام أحمد لزمته شهادة، فدعي للأداء عند حاكم فامتنع وقال: إن القاضي ليس يرضى، فقال الداعي: تتلف علي مالي، فقال أحمد: الذي ولاه أتلف عليك مالك لا أنا.