صلى الله عليه وسلم لا يأخذ أحدًا بقرف أحد، ولا يصدق أحدًا على أحد).
ولما كانت الخصومات تدور على خمسة: الدعوى والجواب واليمين والنكول والبينة .. ذكرها المصنف كذلك.
قال:(تشترط الدعوى عند قاض في عقوبة) أي: لآدمي (كقصاص وقذف) أي: حد قذف؛ لعظم خطره، والاحتياط في إثباته واستيفائه.
وشملت عبارته المحكم؛ فإنه قاض عند الخصمين، لكن تمثيله بالقصاص والقذف يفهم التصوير بحق الآدمي، وأن حدود الله تعالى لا يشترط فيها ذلك، وليس كذلك، بل لابد فيها من القاضي أيضًا، مع أنه لا تسمع فيها الدعوى أصلًا؛ لأنها ليست حقًا للمدعي، بل هو مأمور بالإعراض والدفع ما أمكن، إلا أنه يستثنى منه ما إذا قذفه بالزنا وأراد القاذف تحليفه أنه لم يزن .. فالأصح: أنه يجاب، ولا تسمع الدعوى بذلك، ويحلف على نفيه إلا في هذه الصورة، لكن يرد على المصنف السيد؛ فإنه يسمع الدعوى على عبده.
قال:(وإن استحق عينًا .. فله أخذها) مستقلًا بها (إن لم يخف فتنة) بالاتفاق؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لهند في أخذ ما في الذمة، فعين المال أولى.
وشمل قوله:(استحق عينًا) المالك والمستأجر والموصى له بالمنفعة والموقوف عليه، وفيه نظر؛ فإن الاستقلال بالأخذ للمالك فقط فيما يتبادر من كلام الغزالي والرافعي، فيحمل كلام المصنف عليه؛ لأن مستحق العين حقيقة هو المالك، وأما غيره .. فيستحق المنفعة لا العين نفسها، والأشبه: أن مستحق المنفعة- لاسيما المؤبدة فيما نحن- فيه كالمالك، وقد نص الشافعي على أن لولي الطفل الأخذ.
وفي معنى الفتنة: خوف الضرر على نفسه.
ثم الكلام إنما هو في ذوي اليد العادية ومن في حكمها، فلو كانت في يد أمين