وعلم من ذلك: أن دعوى المدعي تسمع وإن كذبة ظاهر الحال، كما إذا ادعى ذمي استئجار أمير أو فقيه لعلف دوابه وكنس بيته، أو أنه أقرض السلطان مالًا، أو أنه زوجه ابنته، ومن عرف منه التعنت برفع ذوي الأقدار إلى مجالس القضاة واستحلافهم ليفتدوا منه بشيء، خلافًا للإصطخري فإنه قال: إذا شهدت قرائن الأحوال بكذب المدعي .. لم يلتفت إلى دعواه.
وعن مالك: لا تسمع دعوى الدنيء على الشريف إذا لم تعرف بينهما مخالطة أو معاملة.
قال:(ومتى ادعى نقدًا .. اشترط بيان جنس ونوع وقدر وصحة وتكسير إن اختلفت بهما قيمة) أشار بهذا إلى أن شرط الدعوى الصحيحة: أن تكون معلومة ملزمة، فالشرط الأول: العلم، فالمدعي به إن كان نقدًا .. اشترط ما ذكره المصنف، فيقول مثلًا: لي عليه مئة درهم فضة كالملية، ولا خلاف أنه لو ادعى بألف صحاح ومكسرة .. لا يصح.
وحكي الشيخان في (البيع) وجهًا: أنه يصح، وينبغي طرده في الدعوى، فلو لم تختلف الصحاح والمكسرة .. لم يحتج إلى ذكر ذلك.
نعم؛ يستثنى ما إذا كان من دين سلم .. فإنه لابد من التعرض له وإن لم تختلف القيمة، وكون الدراهم سوداء أو بيضاء من اختلاف النوع، وكذلك كون الدنانير مشرقية أو مغربية.
وجميع ما ذكره المصنف في النقد الخالص، أما المغشوش .. فيذكر قيمته من النقد الآخر، قال الشيخ أبو حامد وغيره: قال الرافعي- وكأنه جواب على أنها متقومة-: فإن قلنا: مثلية- وهو الأصح- فينبغي أن لا يشترط التعرض للقيمة، ومطلق الدينار ينصرف إلى الشرعي فلا حاجة إلى بيان وزنه.