وموضع الخلاف إذا قال: حلفني مرة عند قاض آخر، أو أطلق، فإن قال: عندك، فإن حفظ القاضي ذلك .. لم يحلفه ومنع المدعي مطالبته، وإن لم يحفظه .. حلفه، ولا تنفع إقامة البينة فيه؛ لما تقدم أن القاضي إذا تذكر حكمه .. أمضاه ولا يعتمد على البينة.
قال:(وإذا نكل .. حلف المدعي وقضي له، ولا يقضي بنكوله) هذا ابتداء فصل في (المحرر)، وبوب عليه في (الروضة)(باب النكول)، ويدل له قوله تعالى:{أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ} أي: بعد الامتناع من الأيمان الواجبة فدل على نقل الأيمان.
وروى الليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر:(أن النبي صلى الله عليه وسلم رد اليمين على طالب الحق) رواه الدارقطني] ٢١٣/ ٤ [والحاكم] ٤/ ١٠٠ [وقال صحيح الإسناد.
وحكم بذلك عمر بحضرة الصحابة كما رواه الشافعي.
ومن جهة المعنى: أن النكول كما يحتمل أن يكون تحرزا عن اليمين الصادقة؛ فقد ردت اليمين على زيد بن ثابت فحلف، وعلى عثمان فلم يحلف وقال: أخاف أن يوافق قدر بلاء فيقال: بيمينه، واشتهر ذلك عن الصحابة، ولا مخالف لهم.
وإذا لم يقض بالنكول .. ردت اليمين على المدعي إذا كان الحق له، فإذا حلف .. قضي له.
وقال أبو حنيفة أو أحمد: يقضى بالنكول.
لنا: الإجماع قيلهما كما قاله مالك في (الموطأ).
وظاهر قوله:(وقضي له) توقف الاستحقاق على الحكم، وأنه لا يثبت بمجرد الحلف، لكن الأرجح في (الروضة) عدم التوقف بناء على أن اليمين المردودة كالإقرار، كما يثبت الحكم بالإقرار من غير حكم على الأصح.