دار في يد ثلاثة، ادعى أحدهم نصفها والثاني ثلثها والثالث سدسها، لا بينة ... جعلت أثلاثًا، كذا نص عليه في (المختصر)، واعترض عليه بأن مدعي السدس لا يدعي غيره فكيف يعطي الثلث؟! وأجيب بأن الصورة فيما إذا ادعى كل واحد منهم استحقاق اليد في جميعها، إلا أن الأول يقول: النص ملكي، والنصف الآخر لفلان وهو في يدي عارية أو وديعة، والآخران يقولان نحو ذلك، فكل واحد منهم صاحب يد في الثلث، وتبقى الدار في أيديهم كما كانت، ثم يجعل نصف الثلث الذي في يد مدعي السدس لذلك الغائب بحكم الإقرار، فأما إذا اقتصر كل واحد منهم على أن لي منها كذا ... فلا يعطى لمدعي السدس إلا السدس، ولا يتحقق بينهم في هذه الصورة نزاع.
قال:(ولو كانت بيده فأقام غيره بها بينة وهو بينة ... قدم صاحب اليد) ويسمى الداخل؛ لأنهما استويا في إقامة البينة، وترجحت بينته بيده فقدمت كالخبرين اللذين مع أحدهما قياس.
وروى الشافعي [١/ ٣٣٠] والدارقطني [٤/ ٢٠٩] والبيهقي [١٠/ ٢٥٦] عن جابر: أن رجلين تداعيا دابة، وأقام كل منهما بينة أنها دابته نتجها، فقضى بها النبي صلى الله عليه وسلم للذي هي في يده، وبه قضى شريح، وإليه ذهب أكثر العلماء.
وقيل: لا يقضي له إلا أن يحلف؛ لأن البيتين تعارضتا فسقطتا وبقيت اليد، وهي لا يقضى بها من غير يمين.
واقتضى إطلاق المصنف: أنه لا يشترط في سماع بينة صاحب اليد أن يبين سبب الملك من شراء أو إرث ونحوه، وأنه لا يشترط أن يحلف مع بينته، وهو الأصح فيهما.
فإن قيل: لو ادعيا لقيطًا في يد أحدهما وأقاما بينتين ... لم يترجح صاحب اليد؟ قلنا: الفرق: أن اللقيط لا يدخل تحت اليد، فلهذا سوينا بينهما بخلاف غيره.
وقال أبو حنيفة: لا تسمع بينة صاحب اليد إلا في دعوى النتاج، وهو أن يتنازعا