وقد جاء عن عمر: أنه كاتب عبدًا له ثم قال: أنا عاجز، فقال: افسخ كتابتك، فقال: بل افسخ أنت.
ثم إذا فسخ الحاكم .. فلا بد من ثبوت الكتابة وحلول النجم عنده.
قال:(وللمكاتب الفسخ في الأصح) كما أن للمرتهن أن يفسخ الرهن؛ لأنها جائزة من جهته، سواء كان قادرًا على أداء النجوم أم لا.
والثاني: المنع؛ إذ لا ضرر عليه في بقاء الكتابة، وله الامتناع من الأداء؛ لأنه تعليق عتق بصفة.
قال الإمام: وهذا في الحقيقة عكس الصواب؛ فإن إلزام الكتابة وتجويز الامتناع من الوفاء كلام متناقض، لكن الرافعي جزم في أثناء المسألة الثانية من النظر الثالث بأن العبد لا يمكن من فسخ الكتابة ورفعها، صحيحة كانت أو فاسدة.
قال:(وإن استمهل المكاتب عند حلول النجم .. استحب إمهاله)؛ مساعدة له في تحصيل العتق، ولما في إنظار المعسر من الفضل.
قال:(فإن أمهل ثم أراد الفسخ .. فله)؛ لأن الدين الحال لا يتأجل، وقال أبو حنيفة: ليس له الفسخ؛ لأنه التزم بقربة فلا يتركها.
وإذا طالبه بالمال فلا بد من الإمهال بقدر ما يخرج المال من الصندوق والدكان والمخزن ويزن، ولو أنظره بعد حلول النجم وأذن له في السفر، ثم بدا له أن يرجع .. لم يكن له الفسخ في الحال؛ لأن المكاتب غير مقصر في ذلك، ولكن يرفع الأمر إلى الحاكم ويقيم البينة على الحلول والغيبة، ويحلف أنه ما قبض النجم منه ولا من وكيله، ولا أبرأه، ولا أحال به إذا جوزنا ذلك، ويذكر مع ذلك أنه رجع عن الإنظار، فيكتب الحاكم بذلك إلى حاكم بلد الغيبة ويرتب عليه مقتضاه.