وفي قول قديم: القليل: قدر دينار، وفي آخر: ما دون الكف.
ولو كانت النجاسة متفرقة، ولو جمعت لبلغت قدرًا لا يعفى عنه، أو شك في كونها قليلًا أو كثيرًا .. ففيهما احتمالان للإمام، وميله إلى العفو فيهما، وكلام (التتمة) يقتضي: الجزم، بخلافه في الصورة الأولى.
قال:(قلت: الأصح عند المحققين: العفو مطلقًا والله أعلم) سواء قل أو كثر، انتشر بعرض أم لا؛ لأنه مما يشق الاحتراز منه غالبًا، فألحق نادره بغالبه. أما إذا اجتمعت الكثرة والانتشار بالعرق .. فظاهر إطلاق المصنف العفو عنه، وفيه نظر.
قال:(ودم البثرات كالبراغيث) بالاتفاق؛ لأن الإنسان قل ما يخلو عنها، فلو وجب الغسل لكل مرة .. لشق، فيعفى عن قليله قطعًا، وعن كثيره على المرجح.
ولأن دم البراغيث رشحات يمصها البرغوث من بدن الإنسان ثم يمجها، وليس للبرغوث دم في نفسه، ولذلك يعد مما ليس له نفس سائلة.
و (البثرات) جمع بثرة- بفتح الباء وإسكان الثاء المثلثة- خراج صغار. وخص بعضهم به الوجه، والمشهور: أنه يعم الوجه وسائر البدن.
روى ابن السني [٦٣٥] والنسائي في (عمل اليوم والليلة)[١٠٣١] عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم وقد خرج في إصبعي بثرة فقال: (عندك ذريرة)؟ قلت: نعم، فوضعها عليها وقال:(قولي: اللهم؛ مصغر الكبير، ومكبر الصغير، صغر ما بي) فطفئت.
قال:(وقيل: إن عصره .. فلا)؛ للاستغناء عنه. والأصح فيما إذا كان قليلًا: العفو عنه؛ لما روى البخاري بغير إسناد، والبيهقي [١/ ١٤١] مسندًا: (أن ابن عمر عصر بثرة على وجهه، وذلك بين إصبعيه بما خرج منها، وصلى ولم يغسله).