أبي سعيد الخدري قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه .. إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره، فلما رأى القوم ذلك .. ألقوا نعالهم، فلما قضى رسول الله عليه وسلم صلاته .. قال:(ما حملكم على إلقائكم نعالكم؟) قالوا: يا رسول الله؛ رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما قذرًا). وفي رواية لأبي داوود [٦٥١]: (خبثاً) عوضًا عن (قذرًا)، وفي رواية [مي ١٤١٨]: (أذى)، وفي رواية [قط ١/ ٣٩٩]: (دم حلمة).
ووجه الدلالة: أنه عليه الصلاة والسلام لم يستأنف الصلاة، ولو كان مبطلًا .. لاستأنفها.
وجوابه: أن المراد بـ (القذر): الشيء المستقذر. وبـ (دم الحلمة): الشيء اليسير المعفو عنه. وإنما فعله النبي صلى الله عليه وسلم؛ تنزهًا.
و (الحلمة) بالتحريك: القرادة الكبيرة، والجمع: حلم.
قال:(وإن علم ثم نسي .. وجب القضاء على المذهب)؛ لتقصيره بتركها.
وقيل: على القولين في الجاهل.
وجعل الغزالي مثار الخلاف في حالتي الجهل والنسيان .. أن اجتناب النجاسة في الصلاة هل هو من قبيل المنهيات وخطاب التكليف، فيسقط بالجهل والنسيان كما يسقط الإثم؟ أو اجتنابها من باب الشروط وخطاب الوضع، فلا يؤثر فيه الجهل والنسيان كضمان المتلفات؟
تتمة:
حيث أوجبنا الإعادة .. فإنما تجب إعادة كل صلاة تيقن فعلها مع النجاسة، فإن احتمل حدوثها بعد الصلاة .. فلا شيء عليه؛ لأن:(الأصل في كل حادث تقدير وجوده في أقرب زمن، والأصل عدم وجوده قبل ذلك).
وقال المتولي: لا يلزمه إلا إعادة صلاة واحدة، سواء كانت النجاسة يابسة أو رطبة، سواء كان في الصيف أو الشتاء.