وعن صاحب (البيان): أنه ينوي بالتي قبلها سنة الظهر والتي بعدها سنة الجمعة؛ لأنه منها على غير ثقة من استكمال شروطها، وسيأتي عنه في نية الإمامة نظير هذه المقالة الشاذة.
وقيل: ينوي بها سنة فرض الوقت.
الثاني: يستحب عندنا وعند أكثر العلماء فعل السنن الراتبة في السفر سواء قصر أم أتم، لكنها في الحضر آكد؛ لما روى الشيخان [خ١٠٠٠ - م ٧٠٠] عن ابن عمر: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسبح قبل الظهر على ظهر راحلته حيث كان وجهه، يومئ برأسه)، وكان ابن عمر يفعله لكن في (الموطأ)[١/ ١٥٠]: أن ابن عمر لم يكن يصلي مع الفريضة في السفر شيئًا قبلها ولا بعدها، إلا أن في جوف الليل فإنه كان يصلي على الأرض، وسيأتي في (الشهادات): أن من واظب على ترك الراتبة أو تسبيحات الركوع والسجود .. ردت شهادته.
قال:(ومنه: الوتر) أي: من السنن، وليس بواجب كما يقول أبو حنيفة، وهو بكسر الواو وفتحها.
فأما كونه مطلوبًا .. فبالإجماع، ولقوله صلى الله عليه وسلم:(يا أهل القرآن أوتروا؛ فإن الله وتر يحب الوتر) رواه أبو داوود [١٤١١] وصححه الترمذي [٤٥٣].
فإن قيل: هذا أمر وظاهر الوجوب، ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم:(الوتر حق، فمن لم يوتر .. فليس منا) رواه أحمد [٥/ ٣٥٧] وأبو داوود [١٤١٤]، وفي (مسند البزار)[١٦٣٧]: (الوتر واجب على كل مسلم).
قلنا: هذا محمول على تأكيد الاستحباب؛ لقوله تعالى:{والصلوة الوسطى}، فلو وجب الوتر .. لم يكن لها وسطى، وفي حديث الأعرابي: هل علي غيرها؟ قال عليه الصلاة والسلام:(لا، إلا أن تطوع)، وفي (الصحيحين)[١٣٩٥ - م١٩] في حديث معاذ: (إن الله افترض عليكم خمس صلوات في اليوم والليلة)، وقال ابن المنذر: لا أعلم أحدًا يوافق أبا حنيفة على وجه، حتى صاحبيه.