وفي (سنن أبي داوود)[٤٨٩٠]: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي برجل خضب يديه ورجليه بالحناء فقال: (ما باله تشبه النساء؟!) فأمر بنفيه إلى النقيع، فقالوا: يا رسول الله؛ ألا تقتله؟ قال:(إني نهيت عن قتل المصلين).
و (النقيع) في هذا الحديث بالنون، وهي: في صدر وادي العقيق على نحو عشرين ميلًا من المدينة.
قال:(والصحيح: قتله بصلاة فقط بشرط إخراجها عن وقت الضرورة) وهو: الوقت الذي تجمع تلك الصلاة فيه، فلا يقتل بترك الظهر حتى تغرب الشمس، ولا بالمغرب حتى يطلع الفجر؛ لأن الوقت مشترك بين أرباب الأعذار فصار شبهة في تأجير القتل إليه، يقابل الصحيح أربعة أوجه:
أحدها: يقتل إذا ضاق وقت الثانية؛ لأن الواحدة يحتمل تركها لشبهة الجمع.
والثاني: إذا ضاق وقت الرابعة؛ لأن الثلاث أقل الجمع فاغتفرناها لاحتمال عذر بخلاف الأربعة.
والثالثة: إذا ترك أربع صلوات؛ لأنه يجوز أن يكون استند إلى تأويل من ترك النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق أربع صلوات.
والرابع: إذا ترك قدرًا يظهر به اعتياد الترك والتهاون بالذين.
قال:(ويستتاب) أي: تطلب منه التوبة قبل القتل؛ لأنه ليس بأسوأ حالاً من المرتد والمرتد يستتاب.
وأظهر القولين: أنه يكفي استتابته في الحال، والقولان في استحبابها، وقيل: في وجوبها.
ثم إذا ضربنا له المدة فقتله فيها قاتل .. أفتى القفال وصاحب (البيان) بإثمه وعدم تضمينه، كالمرتد.
ونقل في (الكفاية) عن صاحب (البيان) عدم تأثيمه ووهم فيه.