قال:(والتربيع: أن يتقدم رجلان ويتأخر آخران) فيكون الحاملون أربعة، ولهذا سميت الكيفية بالتربيع. فإذا عجز أربعة عنها .. حملها ستة أو ثمانية، وما زاد على الأربعة .. يحمل من جوانب السرير أو تزاد أعمدة معترضة تحت الجنازة كما فعل بعبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ فإنه كان بدينًا.
وأما الصغير .. فإذا حملة واحد جاز؛ إذ لا إزراء فيه.
فرع:
قال الإمام الشافعي رضي الله عنه: ليس في حمل الجنازة دناءة ولا إسقاط مروءة، بل ذلك مكرمة وثواب وبر وفعل أهل الخير، فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم الصحابة ثم التابعون.
قال:(والمشي أمامها بقربها أفضل)؛ لما روى أبو داوود [٣١٧١] وغيره - بإسناد صحيح- عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي أمامها وأبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم).
ومن جهة المعنى: أنهم شفعاء وحق الشافع أن يتقدم. وأفضل حملتها المتقدم، وكذلك أفضل المشاة. وقال أبو حنيفة: خلفها أفضل.
وعندنا: لا فرق بين الراكب والماشي، ووهم الرافعي في (شرح المسند) حيث قال: الأفضل للراكب أن يكون خلفها بالاتفاق. وهو متابع الخطابي في ذلك؛ فإنه قال: لا أعلمهم اختلفوا في أن الراكب يكون خلفها.
والركوب في الذهاب مكروه؛ لما تقدم من:(أنه صلى الله عليه وسلم لم يركب في عيد ولا جنازة)، اللهم إلا أن يكون لعجز أو بعد الموضع .. فلا يكره، وروى الترمذي [١٠١٢] أنه صلى الله عليه وسلم رأى ناسا ركبانًا في جنازة فقال: (ألا تستحيون؟! إن الملائكة على أقدامهم وأنتم على ظهور الدواب).