قال الصيمري وغيره: لا يستحب للإنسان أن يعد لنفسه كفنًا في حياته؛ لئلا يحاسب عليه.
قال الروياني: وعندي أن ذلك مستحب؛ لمعرفة خلوه عن الشبهة.
قال المصنف: والذي قاله الصيمري صحيح، إلا أن يكون من جهة يقطع بحلها، أو من أثر بعض أهل الخير من العلماء والعباد ونحو ذلك .. فإن ادخاره حسن، وقد صح عن بعض الصحابة فعله.
والذي قاله مردود؛ فإن أمواله كلها يحاسب عليها.
وأشار بقوله:(وقد صح عن بعض الصحابة) إلى ما رواه البخاري [١٢٧٧] عن سهل بن سعد رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت عليه شملة، فطلبها منه رجل فأعطاه إياها، فأعدها ذلك لنفسه كفنًا).
وروي أن سعد بن أبي وقاص لما حضرته الوفاة .. دعا بخَلَقِ جبة من صوف فقال:(كفنوني فيها؛ فإني كنت لقي المشركين فيها يوم بدر وهي علي، وإنما كنت أخبئها لهذا).
ولما حضرت معاوية الوفاة .. قال لابنه يزيد:(يا بني؛ إني صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج يومًا لحاجته فاتبعته بإداوة فكساني أحد ثوبيه الذي كان على جلده، فخبأته لهذا اليوم، وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من أظفاره وشعره فأخذته وخبأته لهذا اليوم، فإذا أنا مت .. فاجعلوا ذلك القميص مما يلي جلدي، واجعلوا الشعر والأظفار في فمي وعل عيني ومواضع السجود مني، فإن نفع شيء .. فذاك، وإلا .. فإن الله غفور رحيم).