فقيل: خشية الفتنة. فعلى هذا: يمتنع اليوم وفي زمن الصحابة.
وقيل: حكمه حكم غيره. فعلى هذا: يمتنع اليوم على الوجه الأول والثاني والثالث والرابع, ولا يمتنع على السادس وهو قول أبي الوليد النيسابوري ومن وافقه، وأما على الخامس .. فـ (إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء) كما رواه النسائي في (كتاب الجمعة)[٣/ ٩١]، فينبغي أن يجوز إذا قلنا: حكمه حكم غيره، لكن الأصحاب قالوا: لا يجوز، واستدل له الرافعي ومن تبعه بقوله صلى الله عليه وسلم:(أنا أكرم على ربي من أن يتركني في قبري بعد ثلاث)، وهو باطل لا أصل له.
لكن روى البيهقي عن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الأنبياء لا يتركون في قبورهم بعد أربعين ليلة، لكنهم يصلّون بين يدي الله تعالى حتى ينفخ في الصور.
ولما كان صلى الله عليه وسلم لا يصلى على قبره .. تأخر لذلك دفنه إلى أثناء ليلة الأربعاء؛ لأنه عليه الصلاة والسلام لما مات .. صلوا عليه أفنادًا. قال في (الفائق): أي: جماعات بعد جماعات.
قيل: حصر المصلون فإذا هم ثلاثون ألفًا، ومن الملائكة ستون ألفًا؛ لأن مع كل واحد ملكين.
لكن وقع في (الإحياء) في (الباب الثالث في أعمال الباطن في القراءة): (أن النبي صلى الله عليه وسلم مات عن عشرين ألفًا من الصحابة، لم يحفظ القرآن منهم إلا ستة اختلف في اثنين منهم)، ولعله أراد: عشرين ألفًا في المدينة، وإلا .. فقد روى أبو زرعة الرازي: (أنه صلى الله عليه وسلم مات عن مئة ألف وأربعة عشر ألفًا، كلهم صحبه وروى عنه وسمع منه.