للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: «حُتِّيه ثم اقرصيه ثم صلي فيه» (١)، وقوله: «لا يطوف بالبيت عريان» (٢)، وأمثال ذلك من النصوص.

وقد عُلِم أنَّ جميع ذلك مشروطٌ بالقدرة كما قال تعالى: {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦]

وقال - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم» (٣)

وهذا تقسيم حاصر.

إذا تبيَّن أنه لا يمكن أن تُؤمَر بالمقام مع العجز والضرر على نفسها ودينها ومالها، ولا تؤمر بدوام الإحرام، وبالعود مع العجز، وتكرير السفر، وبقاء الضرر، من غير تفريط منها، ولا يكفي التحلُّل ولا يسقط به الفرض.

وكذلك سائر الشروط، كالستارة واجتناب النجاسة، وهي في الصلاة أوكد، فإنَّ غاية الطواف أن يُشبه بالصلاة، وليس في الطواف نصٌّ ينفي قبول الطواف مع عدم الطهارة، والستارة، كما في الصلاة، ولكن فيه ما يقتضي وجوب ذلك.

ولهذا تنازع العلماء:

هل ذلك شرط؟ أو واجب ليس بشرط؟

ولم يتنازعوا أنَّ ذلك شرط في صحة الصلاة، وأنه يستلزم أن تؤمر بترك الحج، ولا تؤمر بترك الحج بغير ما ذكرناه، وهو المطلوب (٤).

الدليل الثاني:

أن يقال: غاية ما في الطهارة أنها شرط في الطواف، ومعلومٌ أنَّ كونها شرط في الصلاة أوكد منها في الطواف، ومعلومٌ أنَّ الطهارة كالستارة واجتناب النجاسة، بل الستارة في الطواف أوكد من الطواف؛ لأنَّ ستر العورة يجب في الطواف وخارج الطواف،


(١) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء باب غسل الدم (١١/ ٦٣) ومسلم في كتاب الطهارة باب نجاسة الدم (١/ ١٤٠).
(٢) أخرجه البخاري في الصلاة، باب ما يستر من العورة (١/ ٩٧).
(٣) سبق تخريجه.
(٤) مجموع الفتاوى (٢٦/ ٢٣٣، ٢٣٤).

<<  <   >  >>