للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولأنَّ ذلك من أفعال المشركين التي نهى الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - عنها نهيًا عامًا.

ولأنَّ المستحاضة ومن به سلس البول ونحوهما يطوف ويصلِّي باتفاق المسلمين، والحدث في حقِّهم من جنس الحدث في حقِّ غيرهم، ولم يفرِّق بينهما إلاَّ العُذر، وإذا كان كذلك وشروط الصلاة تسقط بالعجز، فسقوط شروط الطواف بالعجز أولى وأحرى.

والمصلِّى يصلِّي عُريانًا، ومع الحدث، والنجاسة في صورة المستحاضة وغيرها، ويصلي مع الجنابة، وحدث الحيض مع التيمم وبدون التيمم عند الأكثرين إذا عجز عن الماء والتراب (١).

الدليل الثالث:

أن يُقال: هذا نوعٌ من أنواع الطهارة، فسقط بالعجز كغيره من أنواع الطهارة، فإنها لو كانت مستحاضة ولم يمكنها أن تطوف إلاَّ مع الحدث الدائم طافت باتفاق العلماء، وفي وجوب الوضوء عليها خلاف مشهور بين العلماء، وفي هذا صلاة مع الحدث، مع حمل النجاسة، وكذلك لو عجز الجنب أو المحدث عن الماء والتراب صلَّى وطاف في أظهر قولي العلماء.

الدليل الرابع:

أن يُقال شرط من شرائط الطواف، فسقط بالعجز كغيره من الشرائط، فإنه لو لم يمكنه أن يطوف إلاَّ عُريانًا لكان طوافه عُريانًا أهون من صلاته عريانًا، وهذا واجب بالاتفاق، فالطواف مع العري إذا لم يمكن إلاَّ ذلك أولى وأحرى.

وإنما قلَّ تكلُّم العلماء في ذلك لأنَّ هذا نادر، فلا يكاد بمكة يعجز عن سترة يطوف بها، لكن لو قُدِّر أنه سُلِب ثيابه، والقافلة خارجون لا يمكنه أن يتخلَّف عنهم، كان الواجب عليه فعل ما يقدر عليه من الطواف مع العري، كما تطوف المستحاضة ومن به سلس البول، مع أنَّ النهي عن الطواف عُريانًا أظهر وأشهر في الكتاب والسنة من طواف الحائض (٢).


(١) مجموع الفتاوى (٢٦/ ٢٣٥).
(٢) المصدر السابق (٢٦/ ٢٣٨).

<<  <   >  >>