للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن تيمية:

وهذا الذي ذكرته هو مقتضى الأصول المنصوصة العامة المتناولة لهذه الصورة لفظًا ومعنى، ومقتضى الاعتبار والقياس على الأصول التي تشابهها.

والمعارض لها لم يجد للعلماء المتبوعين كلامًا في هذه الحادثة المعينة، كما لم يجد لهم كلامًا فيما إذا لم يمكنه الطواف إلا عريانًا. وذلك لأنَّ الصور التي لم تقع في أزمنتهم لا يجب أن تخطر بقلوبهم ليجب أن يتكلَّموا فيها، ووقوع هذا، وهذا في أزمنتهم إمَّا معدومٌ وإمَّا نادرٌ جدًا، وكلامهم في هذا الباب مُطلَق عام، وذلك يُفيد العموم، لو لم تختصّ الصورة المعينة بمعانٍ توجب الفرق والاختصاص، وهذه الصورة قد لا يستحضرها المتكلِّم باللفظ العام من الأئمَّة لعدم وجودها في زمنهم، والمقلِّدون لهم ذكروا ما وجدوا من كلامهم (١).

قال: هذا الذي توجَّه عندي في هذه المسألة، ولا حول ولا قوَّة إلاَّ بالله العلي العظيم، ولولا ضرورة الناس واحتياجهم إليها علمًا وعملاً لما تجشمت الكلام، حيث لم أجد فيها كلامًا لغيري، فإنَّ الاجتهاد عند الضرورة مما أمرنا الله به (٢).

الترجيح:

والذي يظهر لي رجحانه هو القول الثاني من صحَّة طوافها حال الضرورة لصحة ما أورده ابن تيمية على قول الجمهور وسلامة ما ذكره من استدلال، ولأنه هو الذي يتمشَّى مع ما بُنِيَت عليه هذه الشريعة من دفع العنت ورفع التشطط.


(١) مجموع الفتاوى (٢٦/ ٢٣٩).
(٢) المصدر السابق (٢٦/ ٢٤١).

<<  <   >  >>