للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاستدلال:

١ - قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَاتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ} [البقرة: ٢٢٢].

والاحتجاج بالآية من أوجه:

الوجه الأول: أنَّ قوله: {حَتَّى يَطْهُرْنَ} لا يحتمل إلاَّ انقطاع الدم، وقوله: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} يحتمل الغسل وانقطاع الدم، فيجب حمل اللفظ المحتمل على ما لا يحتمل، ويكون تقديره، ولا تقربوهن حتى ينقطع دمهن، فإذا انقطع دمهن فأتوهن.

ويكون الثاني تأكيدًا للأول بدليل شيئين:

أحدهما: أنَّ الله تعالى ذِكره بلفظ الغاية فقال: {حَتَّى يَطْهُرْنَ} وحكم ما بعد الغاية يخالف ما قبلها، فإذا كان قبل الغاية لا يجوز وطؤها فبعدها يجوز، وعندكم لا يجوز إلا بوجود شرط آخر فيلغوا حكم الغاية.

الثاني: أنَّ الغاية إذا علَّق عليها حكم، ثم أعيدت بلفظ الشرط فالظاهر أن الثاني هو الأول، ألا ترى أنه لو قال: لا تكرم زيدًا حتى يدخل الدار، فإذا دخل الدار فأكرمه، رجع الثاني إلى الدخول الأول (١).

ونوقش القول: باحتمال أن يكون الثاني هو الأول: من عدة أوجه:

الوجه الأول: بما روي عن ابن عباس: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} بالماء (٢). وهو قول عكرمة. وروي عنه: «فإذا اغتسلن» (٣)، وهو قول مجاهد (٤).


(١) الانتصار (١/ ٥٧٦، ٥٧٧) وانظر: أحكام القرآن للجصاص (١/ ٣٤٩).
(٢) أخرجه البيهقي في السُنن (١/ ٣٠٩) وابن جرير في التفسير (٢/ ٣١٦).
(٣) انظر: زاد المسير (١/ ٢٤٩).
(٤) مصنف عبد الرزاق (١/ ٣٣٠) السُنن الكبرى للبيهقي (١/ ٣٧٠).

<<  <   >  >>