للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الثاني: أن التَفعُّل إذا أضيف إلى من يصحُّ منه الفعل اقتضى إيجاده كما يقال: تَكرَّم وتَطرَّف وتَسدَّد.

الوجه الثالث: أنه لو أراد بهما معنى واحدًا لقال: «حتى يطهرن»، «فإذا تطهَّرن»، فلما خالف بين اللفظين علمنا أنَّ ذلك لاختلاف معناهما.

الوجه الرابع: أنه قد مدحها في آخر الآية فقال: {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} ولا يمدحها إلاَّ على ما هو من فعلها، وهو الغسل، فأما انقطاع الدم فليس من فعلها.

الوجه الخامس: أنَّ حمله على انقطاع الدم لا تقولون به إذا كان لدون الأكثر، وحمله على الغسل يقول به الجميع في الأكثر، والأقل، فوجب الحمل عليه.

الوجه السادس: أنَّ حمله على انقطاع الدم حمل لفظين على معنى واحد، وحمله على الغسل حمل كلِّ لفظ على معنى مستجَد، فكان أولى؛ لأنه تكثير لفوائد القرآن (١).

أما القول: بأنَّ حكم ما بعد الغاية يخالف ما قبلها:

فنوقش: بأنه صحيح، ما لم يستأنف بعدها شرط آخر، فأما إذا استؤنف شرط آخر فإنه يقف عليه كما قال تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: ٦].

فجعل بلوغ النكاح شرطًا، وإيناس الرشد شرطًا آخر، فكذلك قوله: {حَتَّى يَطْهُرْنَ} شرط وقوله: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} شرط آخر، ولهذا أعاده بغير اللفظ الأول، فزاد فيه التاء والتشديد (٢).

الوجه الثاني: من الاحتجاج بالآية:

أنَّ الله تعالى نهى عن وطء الحائض، وأباح وطء الطاهر بقوله: {حَتَّى يَطْهُرْنَ} الآية.


(١) انظر: الاقتصار (١/ ٥٧٧، ٥٧٨).
(٢) الانتصار (١/ ٥٧٨)

<<  <   >  >>