للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونوقش: بأن هذا معارض بما صحَّ عن ابن عمر من قوله: «فردَّها عليَّ ولم يرها شيئًا» (١) فهذا النص الصريح الصحيح ليس بأيديكم ما يقاومه بل جميع ما ذكرتموه من ألفاظ هذا الحديث، إما صحيحة غير صريحة وإما صريحة غير صحيحة (٢).

وإليكم بيان ذلك:

أمَّا ما ورد في الحديث من قوله - صلى الله عليه وسلم -: «مُره فليراجعها» فالمراجعة قد وقعت في كلام الله ورسوله على معان:

أحدها: ابتداء النكاح كقوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ} [البقرة: ٢٣٠]

ولا خلاف بين أحدٍ من أهل العلم بالقرآن أنَّ المطلِّق ههنا هو الزوج الثاني، وأنَّ التراجع بينها وبين الزوج الأول، وذلك نكاح مبتدأ.

الثاني: الإمساك كقوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: ٢٢٩]

والمراد به الرجعة بعد الطلاق (٣).

الثالث: الرد الحسِّي إلى الحالة التي كان عليها أولاً، كقوله لأبي


(١) أخرجه أحمد في المسند (٥٥٢٤).
وأبو داود في الطلاق، باب طلاق السنة (٢/ ٦٣٥) من حديث عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج، أخبرني أبو الزبير أنه سمع عبد الرحمن بن أيمن مولى عروة يسأله ابن عمر.
والنسائي: في الطلاق. باب وقت الطلاق للعدة (٦/ ٤٥٠) وقد أشار إليها مسلم في صحيحه (٢/ ١٠٨٩) وقد صحَّحه ابن القيم انظر: زاد المعاد (٥/ ٢١٩) (٥/ ٢٢٦).
وابن حزم كما في المحلى (١١/ ٤٥٧) وقال الحافظ: إسنادها على شرط الصحيح، نيل الأوطار (٦/ ٢٥٣) ورواه الحميدي في الجميع بين الصحيحين، وقد التزم ألاَّ يذكر إلاَّ ما كان صحيحًا على شرطهما. نَيل الأوطار (٦/ ٢٥٤).
(٢) زاد المعاد (٥/ ٢٣٥).
(٣) مجموع فتاوى ابن تيمية (٣٣/ ١٠٠) زاد المعاد (٥/ ٢٨٨).

<<  <   >  >>