للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بأوضاعها، له المتانة الجيدة في علمي الفرائض والحساب، والإحاطة الشاملة في الفقه بلا ارتياب، مع المهارة في علم العربية، وحفظ التواريخ النقلية، وغير ذلك من بقية العلوم، وبالجملة فهو مفتي الحنابلة في هذا الزمان، وإليه مرجع المشكلات في مذهب الإمام أحمد عليه الرضوان، درّس بعدة مدارس بالشام، وهو الآن مدرّس بدار الحديث بصالحية دمشق بالقرب من المدرسة الأتابكية، وله بقعة تدريس بجامع بني أمية، وله مصاهرة مع الشهاب أحمد العيثاوي المذكور قبله، وما تأهل من نسله إلا لكونه أهله، وبالجملة فهما الأحمدان محمودان لهما الدين الكامل، والعلم الشامل، والفلاح الشهير، والعلم الغزير، ولقد شهدت له مجلسًا يفتخر به زمانه، وتبتهج به أقرانه، وذلك أنه لما انتقل بالوفاة القاضي محمد سبط الرجيحي الحنبلي وهو أكبر قضاة الحنابلة بدمشق انحلّ مكانه وبقي زمانا بغير قاضٍ وكان قاضي القضاة بدمشق مولانا مصطفى أفندي ابن مولانا حسين أفندي ابن مولانا سنان أفندي صاحب (حاشية التفسير) فاستدعى الشيخ أحمد صاحب الترجمة ليجعله قاضيًا في منزلة سبط الرجيحي المذكور، وكنت أحد الحاضرين بالمجلس، فبالغ في ملاطفته ليقبل منصب القضاء فامتنع، وألح عليه القاضي فتبرم وما انخدع، وبالغ الحاضرون في الطلب، وبالغ هو في الهرب، حتى إنه قال آخرًا يا مولانا أنا رجل ثقيل السمع لا أسمع ما يقول المتداعيان بسهولة وذلك يقتضي صعوبة فصل الأحكام بين الخصام، ولم يزل يتلطف بالقاضي حتى عفا عن ذلك الطلب، وقضى من امتناعه العجب، وخرج من عنده خائفًا من تكرار طلب القضاء، فأيّد الله تعالى عليه الرضا، وأحياه وحيّاه، وأعطاه وإيانا في الجنة مناه، آمين انتهى كلام العلامة البوريني (٢٤) وقد تقدم الخلاف في وفاته بين


(٢٤) زاد البوريني كلامًا في مدحه ثم قال: (أخبرنا الشيخ أحمد المذكور من لفظه أنّه ولد =

<<  <   >  >>