للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يومًا إلى منتزه يسفر عن محياه ويتفتق عن طيب ريّاه فقرئ بين يديه ما غنته نُعْم الجارية بين يدي المأمون وهو:

ولقد أخذتم من فؤادي أنسه … لا شَلّ ربي كفَّ ذاك الآخذِ

وزعمت أنّي ظالمٌ فهجرتني … ورميت في قلبي بسهم نافذِ

ونعم (١٦) هجرتك فاغفري وتجاوزي … هذا مقامُ المستجيرِ العائذِ

هذا مقام فتًى أضرّ به الهوى … قرح الجفونِ بحسن وجهكِ لائذِ

قلت وقصة هذه الأبيات قد ذكرها ابن خلّكان (١٧) وقال: إنه استعادها المأمون الصوت ثلاث مرات وكان بحضرته اليزيدي فقال له: يا يزيدي أيكون شيء أحسن مما نحن فيه! قال: قلت: نعم يا أمير المؤمنين. فقال: وما هو؟ قلت: الشكر لمن خوّلك هذا الإنعام العظيم الجليل. فقال: أحسنت وصدقت، وأمر بمائة ألف درهم يتصدق بها، فكأني أنظر إلى البُدَر وقد أخرجت، والمال يفرق، انتهى. فلما قرئت أنشد السيد محمد أفندي النقيب مضمنًا المصراع: هذا مقام المستجير العائذ:

نقل العذول بأنني أفشيت ما … أخفى الحفاظ من الغرام الواقذِ

هبني افتريت (١٨) كما افترى فاغفره لي … هذا مقام المستجير العائذ

وأنشد أيضًا قوله:

نبذ الخليط مودتي حيث العدا … حولي يُروّعني بهجر النّابذِ

فسألتُه الرجعى وقلت: دع القلا … هذا مقام المستجير العائذِ


(١٦) في وفيات الأعيان ١/ ٤٤٤: (فنعم).
(١٧) وفيات الأعيان ١/ ٤٤٤، ٦/ ١٨٥.
(١٨) في خلاصة الأثر: (هبني اقترفت لما).

<<  <   >  >>