للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المواطن التي توضع فيها الحنابلة وترددوا إليها ونشروا علومهم فيها، فالقدس عرفتهم وكثيرون منهم ينتسبون إليها وهم المقادسة وكذلك كان لهم مستقر في نابلس وما حولها وفي بعض القرى الفلسطينية كقرية جماعيل ومردا وكفر قدوم وفيهم من ينتسب لهذه القرى … من هؤلاء فئة هاجرت إلى دمشق هروبا من ظلم الفرنج سنة ٥٥١ هـ - ونشروا فيها مذهبهم ومدارسهم. نزلوا أولًا في مسجد أبي صالح قرب الباب الشرقي ثم لما ساءهم المكان نزحوا إلى جبل قاسيون وأسسوا فيه دير الحنابلة وانتشر العمران بسببهم وعمت المدارس فسميت المنطقة بالصالحية نسبة لصلاحهم أو نسبة إلى مسجد أبي صالح الذي نزلوا فيه أولًا (٦).

وكان للصالحية دور عظيم في الازدهار -الثقافي والعمراني، ولم تؤثر هجرة- على كثرة الهجرات إلى دمشق- كما أثر هؤلاء الفلسطينيون في نهضة علمية وعمرانية تحدث عنها ابن طولون في كتابه (القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية) فذكر مدارسهم بالجبل كالمدرسة الصاحبة والمدرسة الضيائية والمدرسة الشيخية العمرية التي أنشأها كبير القادسة الشيخ أبو عمر وسميت باسمه وما كان عليها من أوقاف وجرايات يجعلها من كبريات مدارس دمشق والجبل، الأمر الذي يدل على أهمية هؤلاء الوافدين العلماء الذين أعطوا. وأي عطاء خير من العلم! أنتجوا حضارة وألفوا كتبا قيمة في المذهب والحديث، أصبحت تدرس إلى اليوم ويعتمد عليها في الترجيح ..

ثم قاموا يؤدون رسالة مذهبهم في دمشق نفسها فكان لهم محراب في جامع بني أمية وإمامة فيه سيرد ذكرها في هذا الكتاب كثيرًا وهي الصلاة الرابعة، ولم تكفهم دمشق بل وصلوا إلى بلدان شتى منها دوما والرحيبة وضمير من قرى


(٦) القلائد الجوهرية لابن طولون الصالحي بتصرف.

<<  <   >  >>