نظرت، فإن لم يكن معهم إلا ما أخذوه من الناس، لم تجز معاملتهم. وإن كان معهم حرام وحلال، لم تجز أيضا إلا أن يبينوه، كرجل عنده أربع إماء فأعتق واحدة منهن بعينها، وعرض واحدة منهن للبيع وهو مدع لرقهن، لم يجز الشراء منه حتى يبين التي أعتقها، وكذلك إذا كانت عنده ميتة ومذكاة. فأما الأموال التي في أيدي هؤلاء الغصبة الخوارج واللصوص الذين لا يعرف لهم صناعة غير هذه الأموال المحرمة، فالعلم قد أحاط أن جميع ما معهم حرام، فلا يجوز البيع والشراء منهم، ولكن يجوز للفقير أن يأخذ منهم ما أعطوه من جهة النفس، لأن المسلمين لو ظفر بهذا الفاسق بما معه من الأموال المغصوبة، لوجب أن يصرف هذه الأموال في الفقراء. انتهى.
ومن كلام أبي العباس: أموال بيت المال بهذه الأزمنة أصناف:
منها ما هو الفيء، والصدقات، والخمس، فقد عرف حكم هذا. ومنها ما هو متفق عليه.
وصنف قبض بغير حق، أو بتأويل، ويجب رده إلى مستحقه إذا أمكن وقد تعذر ذلك، مثل ما يؤخذ من مصادرات العمال وغيرهم الذين أخذوا الهدية، وأخذوا من أموال ما لا يستحقونه، فاسترجعه ولي الأمر منهم أو من تركاتهم ولم يعرف مستحقه، وما قبض من الوظائف المحرمة، فهذه الأموال التي تعذر ردها لعدم العلم مثلا هي مما يصرف في مصالح المسلمين عند أكثر العلماء، كالغاصب، والخائن التائب، والمرابي ونحوهم ممن صار بيده مالا لا يملكه ولا يعرف صاحبه، فإنه يصرف إلى ذوي الحاجات ... إلى أن قال: ومن له حق في بيت المال فأحيل على بعض المظالم فقلت له: أنت لا تستخرج هذا، ولا تعن على استخراجه، لأنه ظلم، لكن اطلب حقك من المال المحصل عندهم. وإن كان مجموعا من هذه الجهة وغيرها، فإنما اجتمع