به الوالد رحمه الله، إذا تقرر هذا، فحكم المال المفروض في السؤال أخذا مما ذكر، إن ما أيس من معرفة أربابه، صار لبيت المال، فيحل لمن هو بيده التصرف فيه حيث صرفه في مصارفه مراعيا محل الاستحقاق وقدره، ويحل لمن دفع له تناوله والتصرف فيه بالشرط المشار إليه.
وما لم يحصل فيه اليأس من معرفتهم، فموقوف إلى تحقق معرفتهم، أو اليأس حيث لم يعلموا في الحالة الراهنة، وواجب الدفع إليهم حيث علموا فيها قول السائل كثر الله فوائده.
وهل من القسم إلى آخره.
جوابه: إن اعتراف من بيده مال المكس، يثبت به، لأنه إقرار من له اليد، وهو مقبول عدلا كان أو فاسقا. وأما ثبوت استحقاق مدعيه بشهادة شهود المكس، فلا يتخرج على أصل المذهب من اعتبار العدالة في الشهود والرواة. نع! إن حصل العلم بأخبارهم لوصولهم عدد التواتر، وحصول الوثوق بقولهم، ووقوع صدقهم في القلب، وجب على من حصل له العلم بخبرهم العمل بقضية علمه، والثبوت بدفاترهم أولى بعدم القبول، لأن خط العدل لا يثبت به حكم فكيف بغيره؟ ! وهذا بالنسبة لظاهر الحكم، وإلا فالورع غير خاف، لاسيما عند توفر القرائن، ووجود مخائل الصدق.
وقوله: وهل منه إلى آخره.
هو كذلك، لما أشار إليه السائل أن المسوغ للتصرف صيرورته لبيت المال، وإنما يتحقق عند العلم باليأس، أو غلبة الظن الملحقة بالعلم حكما. وأما عند الشك والتردد ولو كان ناشئا عن نحو إخبار ممن تقدم ممن لم يثبت قوله في ظاهر الحكم، فالأمر فيه الوقف، كما علم مما تقدم.