وفي "فتاوى قاضي خان" عن بعض المشايخ: الأفضل أن لا يقبل جائزة السلطان، فإن كان له أموال ورثها، يجوز أخذ جائزته. قيل له:
لو أن فقيرا أخذها مع علمه بأنها غصب، تحل له؟ ! قال: إن كان خلط بعض الدراهم ببعض، فلا بأس، وإن دفع عين الغصب من غير خلط، لم يجز. قال أبو الليث: هذا الجواب مستقيم على قول أبي حنيفة، لأن عنده إذا غصب الدراهم من قوم وخلط بعضها ببعض، يملكها الغاصب. أما على قولهما، فلا يملكها، بل تكون على ملك صاحبها. انتهى.
ورأيت في "تذكرة السراج بن فهد": إن القطب القسطلاني استفتى عن قوم من المسلمين عرفوا بعدم توريث البنات، ما الحكم في تناول ما بأيديهم؟
فأجاب بما حاصله: إن لهم أحوالاً: منها أن يكون لهم مال اكتسبوا بوجه حل، فلا يحكم على ما بأيديهم بالحرمة للاختلاط، فهو كمعاملة آكل الربا من أهل المسلمين، وأهل الذمة الذين يستحلون بيع الخمور. قال: رأى هذه الفتيا ثم شافهه فيها صاحبها القطب، قال: فزادني بسطا ورخصة في أحوال الزمان، وقال: متى ضاق الأمر وسعه الدين، إذ لا حرج في الدين، وإنه رأى في تاريخ البلاد أن الإمام مالك أخذ من خزانة المنصور ما كان يطلقه من الأموال التي باع بها عقار عبد الله بن الحسن وماله، فإنه كان قد اصطفى أمواله. انتهى كلام السيد السمهودي.
وأما ما أشار على ما نقله عن "فتاوى قاضي خان" فيه سعة زائدة على ما عند الشافعية، فينبغي لمن ابتلي وخاف على نفسه الوقوع في ورطة الحرمة على طريق الشافعية في بعض الصور التي تقدمت الإشارة إليها، أن يقلل هذا الإمام الجليل بعد البحث والفحص عن صحة هذا النقل