هذا يفيد في السيل، لأن هذا مملوك ومعد له، والسيل من المصالح العامة فلا يكون ملكا، لكن الأول أحق بالتقدم كما قرروه، قاله شيخنا.
قال في "الهداية": في ماء المطر يسقي الأعلى إلى الكعب، ثم يرسله إلى الأسفل إلى من بعده، ثم هو إلى من بعده، فإذا انتهى كعب وأخذ من لا منفذ بعده كعب أيضا، حبسه الأعلى كعباً أيضا، ثم أرسله كالأولى على من بعده طعباً ثانيا وهلم جرا. فلهذا يحتاج إلى ثقوب بعضها فوق بعض، كل مرة يرسله من أعلى من الأول وبين النقبين بقدر الكعب من الأرض. انتهى. نقلتها من خط أحمد البجادي، وذكر أنه عرضها على الشيخ محمد فأعجبته، وقال: هذا هو الصواب، وبه قال شيخنا. وقال: الظاهر أن الشرب يكون كعباً، لأن الماء لا يملك، لكن للأول حق التقدم. والوادي الذي وقع في زمنه النزاع في سبله وهو مهروز بالمدينة، قضى فيه بالكعب، وهو ثابت قبله بلا تردد، فلا يقال: إنه محدث وقت النزاع. قاله شيخنا.
وهذه مسألة وجدتها بخط شيخنا، وأشار لنا بكتابتها، وقال: العمل عليها، لكن لا نقدر على العمل بها، لأن عادات أهل نجد في السيل بخلاف الشرع فنترك الكلام بسبب ذلك.
اعلم أيها السائل عن حكم المياه أنها لا تخلو من حالتين:
إما أن تكون في نهر، أو واد كبير لا يتشاح الناس في الشرب منه، فكل من الناس أن يسقي ما شاء كيف شاء. وأما مياه الأمطار والأنهار الصغار، فلمن في أعلاه أن يسقي ويحبس الماء إلى الكعب، ثم يرسله إلى جاره الأعلى فالأعلى على هذه الصفة. وإذا أحيا سابق في أسفله، ثم ثان فوقه، ثم ثالث، سقى المحيي أولا، ثم الثاني بعده، ثم الثالث. ولو كان أقرب إلى فوهة النهر، فالمحيي أولا أولى، ولا يملكه بالسبق،