فأجاب: الظاهر من شواهد الأحوال، والعرف المطرد، والعادة المستمرة؛ أن تجميل الأبوين بنتهما بكل ما يعد تجميلاً، أنه تخصيص لها بذلك دون سائر من يرثهما، إذا لم تجر عادتهما بأنه عارية تجري عليها أحكامها، إذا علم ذلك؛ فلا كلام لسائر الورثة في ذلك بعد موت المخصص المعطي للزوم ذلك بموته، كما صرح به الأصحاب. والتخصيص سائغ أيضاً في مسائل، كفقر، وعلم، ونحوهما في رواية.
وأما الأم، فإن أقامت بينة شرعية أن ذلك لها، وأنه عارية؛ ساغت دعواها بذلك، وإلا فلا. ولا فرق بين الصغيرة والمميزة والكبيرة في ذلك. وغير المميزة؛ فمحل نظر وتأمل. والذي يظهر لي أن ذلك عام الأب والأم، وإنما يعد الأب؛ لأنه الغالب، والشيء إذا خرج مخرج الغالب؛ فلا مفهوم له.
واللقيط فيمكن الفرق بينه وبين من ذكر؛ أن المتروك مع اللقيط معلوم عدم رغبة (١) من تركه له، فهو كالمنبوذ رغبة. وعنه: يملكه آخذه إن لم يحز قبله، وحوز اللقيط محكوم لربه؛ فلا يجوز لربه أخذه، بل هو أحق به.
وتجميل البنت ليس كذلك؛ فإنه لا يدل على الرغبة عنه، فبينهما فرق من هذا الوجه، لكن يلزم بوجود هذا الفرق عدم ملك البنت. وقد صرح الأصحاب بروايتين في صحة قبض المميز للهبة، ولعل هذا لا خلاف فيه مع إذن الولي؛ كالبيع يصح للميز مع إذن الولي. بقي أن يقال: هذا العطاء والتقبيض كافيان؛ إذ اشتراط الإذن أن يبدأ للواهب في الرجوع عما وهب، إذا الرجوع سائغ له قبل القبض؛ فلا يتحقق عدم ذلك إلا بإذن.
(١) وعلى هامش نسخة مكتبة الرياض: (لعله معلوم رغبة من تركه).