الحق؛ فعليه الوفاء بموجب اعتقاده، وهذا الذي قال: هؤلاء لو صح؛ للزم منه تحريم استفتاء غير أهل المذهب الذي انتسب إليه؛ لتحريمه بمذهب نظير إمامه أو أرجح منه، أو غير ذلك من اللوازم التي يدل فسادها على فساد ملزومها، بل يلزم منه أنه إذا رأى نص رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقول خلفائه الأربعة مع غير إمامه أن يترك النص وأقوال الصحابة، ويقدم عليها قول من انتسب إليه، وعلى هذا؛ فله أن يستفتي من شاء من أتباع الأئمة وغيرهم، ولا يجب عليه ولا على المفتي أن يتقيد بالأربعة بإجماع الأمة، كما لا يجب على العالم أن يتقيد بحديث أهل بلده أو غيره من البلاد، بل إذا صح الحديث؛ وجب عليه العمل به، حجازياً كان الحديث، أو عراقياً، أو شامياً، أو مصرياً، أو يمانياً، ولكن ليس له تتبع الرخص من المذاهب، وأخذ غرضه من أي مذهب وجده فيه، بلا اتباع الحق بحسب الإمكان، والله أعلم. انتهى.
ومن جواب لعبد الله الأزهري الحنفي: التقليد للعامي جائز اتفاقاً بين الأئمة قال في "منهاج الأصول": المسألة الثانية في المستفتي: الجمهور على أنه يجوز الاستفتاء للعامي؛ لانعقاد الإجماع على ذلك، لعدم تكليفهم في شيء من الأعصار بالاجتهاد، وتفويت معايشهم، واستضرارهم بأسبابهم.
قال في "الفروع": فإذا استفتى عامي؛ لزمه مذهبه، أي في مذهب أحمد، ومعناه: أنه يعمل بما قاله دائماً، ولا يعمل بمذهبه بعد الاستفتاء فيه في هذه الحادثة خاصة؛ لأن العدل الموثوق به إذا حكى عن مجتهد عدل حكما لعامي؛ حصل للعامي ظن صدق الحاكي، وظن صدق المجتهد الميت في تلك الفتوى؛ فيحصل للعامي من هذين الظنين ظن أنه حكم الله تعالى، وهو كما حكاه هذا العدل عن ذلك المجتهد الميت، والعمل بالظن واجب؛ فوجب على العامي العمل به. انتهى.