المذكورين لنا بذلك، وبجواز تقليده إفتاء منهم لنا بالمعنى المذكور، وفي فتاوى الفقيه ابن زياد، وسط في المسألة ما نصه: وقد أرشد العلماء رضي الله عنهم إلى التقليد عند الحاجة، فمن ذلك ما نقل عن الإمام ابن عجيل أنه قال: ثلاث مسائل في الزكاة تفتي فيها بخلاف المذهب، وقد سئل السيد السمهودي عن ذلك. فأجاب بما حاصله: إن المذهب فيها معروف. وإن من اختار الإفتاء بخلافه وهو مجتهد في ذلك؛ ساغ تقليده في ذلك العمل، وقد أرشدني شيخنا العارف بالله أبو المناقب، شهاب الدين الأبشيطي يأمر من استفتاه وإن كان شافعيا بتقليد غير الشافعي، حذرا من المشقة، كتكرار الفدية بتكرار اللبس، وليس هذا من تتبع الرخص في شيء.
وفي فتاوى السبكي ما يشير إلى ذلك، ومنه ما حكي عن الإمام ابن عجيل، وقد حكى الفقيه ابن زياد عن الإمام الأعظم الإصطخري، والهروي، وابن يحيى، وابن أبي هريرة، والفخر الرازي؛ جواز دفع الزكاة إلى آل النبي صلى الله عليه وسلم عند انقطاع الخمس عنهم، ثم قال: وقد سألني جماعة من الأشراف العلويين؛ فأجبتهم بجواز الأخذ بعد تقليد القائل بذلك، فهذا الصنيع من هؤلاء الأئمة مصرح بجواز العمل بالوجه المرجوح في المذهب في الإفتاء به، ونسبته من مذهب من لم يتأهل للاجتهاد في الترجيح؛ فممتنع، والله أعلم.
ومن "جمع الجوامع" لابن عبد الهادي، بعد كلام سبق للسبكي: فلا يحل للقاضي أن يحكم بشيء حتى يعتقد أنه قوي.
قلت: هذا في المجتهد. أما المقلد فمتى قلد وجها ضعيفا؛ كان في نفس الأمر قوياً (١).
(١) وفي نسخة مكتبة الرياض: (فمتى قلد وجهاً جاز، ضعيفاً كان في نفس الأمر أو قوياً).