الرافعي وغيره، كما قال مولانا نور الدين: إنه الظاهر، واقتضاه عموم كلام سيدنا عمر (١)، ويؤيده: لما سئل السبكي عن بيع الغائب أفتى بالصحة، بناء على القول الضعيف، فإن قلت: ما ذكره في إفتائه بالقول الضعيف والمنقول أنه ممنوع كما قدمته، بخلاف العمل لخاصة النفس. وإن كان مقتضى عبارة "الروضة" أن العمل كالإفتاء لا يجوز إلا بالراجح. قلت: الممنوع إنما هو إطلاق الإفتاء به، بحيث يوهم المستفتي أنه يعتمد المذهب، أما الإفتاء به على وجه التعريف بحاله، وأنه يجوز للعامي العمل به في خاصة النفس؛ فجائز أيضاً، فإن إخبار القائلين لنا بذلك إفتاء لنا، إِذا كان في المسألة وجهان أو أوجه، فإن كان للقائلين؛ جاز تقليد كل منهما، لعمل النفس خاصة، حتى للمتأهل للنظر والبحث على الأرجح، فعلم مما قدمته أن الضعيف الذي رجحه بعض أهل الترجيح من المسألة ذات القولين أو الوجهين مثلا؛ يجوز تقليده للعارف ولغيره، ثم قال: وما قاله السبكي: إنه يجب تقليد من اعتقده أفضل، ولا يجوز الانتقال عنه إلا لمصلحة دينية؛ إنما يأتي على ضعيف. وأما الصحيح؛ فهو التخيير مطلقا، وجواز الانتقال إلى أي مذهب من المذاهب المعتبرة، ولو بمجرد التشهي ما لم يتتبع الرخص.
ويشترط لصحة التقليد شروط:
أن لا يكون ذلك المقلد فيه مما ينقض فيه قضاء القاضي، وهو أربعة: ما خالف النص، أو الإجماع، أو القواعد، أو القياس الجلي. وما نقله ابن جزم من الإجماع على منع تتبع الرخص؛ نقل عن ابن عبد البر مثله.
قال ابن أمير حاج في "شرح التحرير": لا نسلم صحة دعوى
(١) هو عمر بن عبد الرحيم الحسيني الحسني الشافعي الذي تقدم ذكره. انظر صفحة ١٥٦.