للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفردوس مأواه، وهو الذي نقله الشيخ عبد الرحمن، عن شيخه محمد ابن بلبان أن عندنا مثل الشافعية في ذلك من الجواز والمنع من التلفيق في قضية واحدة.

ومن "المغني" لعبد الله بن محمد بن قدامة: القضاء من فروض الكفايات، لأن أمر الناس لا يستقيم بدونه، فكان واجباً عليهم كالجهاد والإمام.

قال الإمام أحمد: لا بد للناس من قاض أو تذهب حقوق الناس، وفيه فضل عظيم لمن قوي على القيام به، وأداء الحق فيه، ولذلك جعل الله فيه أجراً مع الخطأ، وأسقط عنه حكم الخطأ، ولأن فيه الأمر بالمعروف، والنصر للمظلوم، وأداء الحق إلى مستحقه، ورد الظالم عن ظلمه، وإصلاحاً بين الناس، وتخليصاً لهم بعضهم من بعض، وذلك من أبواب القرب كلها. ولذلك تولاه النبي صلى الله عليه وسلم والأنبياء قبله؛ فكانوا يحكمون لأممهم، وبعث علياً قاضياً إلى اليمن، وكذا معاذاً، وروي عن ابن مسعود أنه قال: لأن أجلس قاضياً بين اثنين أحب إلي من عبادة سبعين سنة، وعن عقبة بن عامر: جاء خصمان يختصمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لي: احكم بينهما، فقلت: أنت أولى بذلك، قال: كان. قلت: على ما أقضي به قال: اقض؛ فإن أصبت فلك عشرة أجور، وإن أخطأت فلك أجر واحد. روى سعيد بن منصور في سننه. وقال صلى الله عليه وسلم: "من جعل في القضاء؛ فقد ذبح بغير سكين". قال الترمذي: حديث حسن، قيل في هذا الحديث: إنه لم يخرج مخرج الذم للقضاء، وإنما وصفه للمشقة؛ فكأن من وليه قد حمل على مشقة كمشقة الذبح بغير سكين ... إلى أن قال: وقال أصحاب الشافعي: إذا كان ذا حاجة، وله في القضاء رزق؛ فالأولى له الاشتغال به، فيكون أولى من سائر المكاسب؛ لأنه قربة وطاعة، ولأن الحكم آكد من الفتيا، لأنه فتيا وإلزام، وليس من شروط الاجتهاد في مسألة أن يكون مجتهداً

<<  <  ج: ص:  >  >>