في كل المسائل، بل من عرف أدلة مسألة وما تعلق بها؛ فهو مجتهد فيها وإن جهل غيرها كمن عرف الفرائض وأصولها؛ ليس من شرط اجتهاده فيها معرفته بالبيع، ولذلك ما من إمام إلا وقد توقف في مسائل. وقيل: من يجيب في كل مسألة؛ فهو مجنون، وإذا ترك العالم لا أدري؛ أصيبت مقاتله ... إلى أن قال: وممن رأى الصلح بين الخصوم، شريح وعبد الله بن عتبة، وأبو حنيفة، والشعبي، والعنبري. وروي عن عمر: ردوا الخصوم حتى يصطلحوا؛ فإن فصل القضاء يحدث بين القوم الضغائن. انتهى.
ومن "تبصرة الحكام" لابن فرحون المالكي: اعلم أن كثيراً من المؤلفين من أصحابنا وغيرهم بالغوا في الترهيب والتحذير من الدخول في القضاء، وشددوا في كراهية السعي فيها، ورغبوا في الإعراض عنها والنفور والهرب منها، حتى تقرر في أذهان كثير من الفقهاء والصلحاء إن من ولي القضاء؛ فقد سهل عليه دينه، وألقى بيده في التهلكة رغبة عما هو الأفضل، وساء اعتقادهم فيه. وهذا غلط فاحش يجب الرجوع عنه، والتوبة منه. والواجب تعظيم هذا المنصب الشريف، ومعرفة مكانه من الدين، فيه بعثت الرسل، وبالقيام به قامت السموات والأرض، وجعله النبي صلى الله عليه وسلم من النعم التي يباح الحسد عليها بقوله:"لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعمل بها". ومن حديث عائشة:"هل تدرون من السابقون إلى ظل الله يوم القيامة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: الذين إذا أعطوا الحق قبلوه، وإذا سئلوه بذلوه، وإذا حكموا للمسلمين؛ حكموا كحكمهم لأنفسهم". وفي الحديث الصحيح:"سبعة يظلهم الله في ظله". الحديث، فيبدأ بالإمام العادل. وفي الحديث:"المقسطون على منابر من نور يوم القيامة" الحديث. وقال