للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حدوث خصم مستقبل؛ فيكون هذا الثبوت حجة بمنزلة الشهادة. فإن لم يكن القاضي؛ يسمع البينة بلا هذه الدعوى، وإلا امتنع من سماعها مطلقاً، وعطل هذا المقصود الذي احتالوا فيه.

قال الشيخ تقي الدين: وكلامه يقتضي أنه هو لا يحتاج إلى هذا الاحتيال، مع أن جماعات من القضاة المتأخرين من الشافعية، والحنابلة دخلوا مع الحنفية في ذلك، وسموه الخصم المسخر، قال: وأما على أصلنا الصحيح، وأصل مالك، فإما أن تمتنع الدعوى على غير خصم منازع؛ فتثبت الحقوق بالشهادات على الشهادات، كما ذكره من ذكره من أصحابنا، وإما أن تسمع الدعوى والبينة بلا خصم، كما ذكره طائفة من المالكية والشافعية، وهو مقتضى كلام أحمد وأصحابه في مواضع؛ لأنا نسمع الدعوى والبينة على الغائب والممتنع، وكذا على الحاضر في البلد المنصوص، فمع عدم خصم أولى.

قال: وقال أصحابنا: كتاب الحاكم؛ كشهود الفرع، قالوا: لأن المكتوب إليه يحكم بما قام مقامه غيره، لأن إعلام القاضي للقاضي قائم مقام الشاهدين، فجعلوا كل واحد من كتاب القاضي، وشهود الفرع قائماً مقام غيره، وهو بدل عن شهود الأصل، وجعلوا كتاب القاضي كخطابه، وإنما خصوه بالكتاب؛ لأن العادة تباعد الحكمين، وإلا فلو كانا في محل واحد؛ كان مخاطبة أحدهما الآخر أبلغ من الكتاب، وبنوا ذلك على أن الحاكم يثبت عنده خبره بالشهادة ما لم يحكم به، وأنه يعلم به حاكم آخر ليحكم به، كما يعلم الفروع بشهادة الأصول.

قال: وهذا كله إنما يصح إذا سمعت الدعوى والبينة في غير وجه خصم، وهو يفيد أن كل ما يثبت بالشهادة على الشهادة؛ يثبته القاضي بكتابه، قال: ولأن الناس لهم حاجة إلى إثبات حقوقهم بإثبات القضاة، كإثباتها بشهادة الفروع، وإثبات القضاة أنفع لكونه كفى مؤونة النظر

<<  <  ج: ص:  >  >>