يعني إن الأمر إذا دار بين درء مفسدة وجلب مصلحة؛ كان درء المفسدة أولى من جلب المصلحة.
وإذا دار الأمر أيضاً بين درء إحدى المفسدتين وكانت إحداهما أكثر فساداً من الأخرى؛ فدرء العليا منهما أولى من درء غيرها، وهذا أوضح يقبله كل عاقل، واتفق عليه أولو العلم (١).
***
من «إعلام الموقعين» لابن القيم، بعد كلام سبق: وقد أجرى العرف مجرى النطق في أكثر من مائة موضع.
منها: نقد البلد في المعاملات، وتقديم الطعام إلى الضيف، وجواز تناول اليسير مما يسقط من مأكول أو غيره، والشرب من خوابي السبيل ومصانع الطريق، ودخول الحمام وإن لم يعقد الإجازة مع الحمامي لفظاً، وضرب الدابة المستأجرة إذا حرفت في السير، وإيداعها في الخان إذا قدم بلده، أو ذهب في حاجة، ودفع الوديعة إلى من جرت العادة بدفعها إليه، من امرأة، أو خادم، أو وكيل، وتوكيل الوكيل فيما لا يباشر مثله بنفسه، وجواز التخلي في دار من أذن له بالدخول إلى داره، والشرب من مائه، والاتكاء على الوسادة المنصوبة، وأكل الثمرة الساقطة من الغصن الذي على الطريق، وأذن مستأجر الدار لمن شاء من أصحابه وأضيافه في الدخول، والمبيت والثوي عنده، والانتفاع بالدار وإن م يتضمنهم عقد الإجارة لفظاً، اعتماداً على الإذن العرفي، وغسل القميص الذي استأجره للبس مدة يحتاج فيها إلى الغسل، ولو وكل غائباً أو حاضراً في بيع، والعرف قبض ثمنه؛ ملك ذلك. ولو اجتاز بحرث غيره في الطريق، ودعت الحاجة إلى التخلي فيه؛ فله ذلك إذا لم يجد موضعاً سواه، إما لضيق الطريق، أو لتتابع المارين فيها؛ فكيف بالصلاة فيه والتيمم بترابه؟ !