للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وأقيم القارئ) جهراً (به): أي بالمسجد من القيام لا الإقامة [١]، أي: أنه ينهى عن القراءة فيه جهراً، ويخرج من المسجد إذا لم يظهر منه الامتثال، (إن قصد) بقراءته (الدوام): أي دوام القراءة كالذي يتعرض بقراءته لسؤال الناس.

فصل: في بيان فضل [٢] صلاة الجماعة وأحكامها

(الجماعة): أي فعل الصلاة في جماعة بإمام (بفرض) ولو فائتاً أو كفائياً كالجنازة (غير الجمعة سنة) مؤكدة. وأما غير الفرض فمنه ما يندب فيه الجماعة وهو العيد والكسوف والاستسقاء والتراويح. والأوجه في غير التراويح السنية ومنه ما تكره فيه، كجمع كثير مطلقاً أو قليل بمكان مشتهر في غير ما ذكر، وإلا جازت كما تقدم. وأما الجمعة فالجماعة فيها شرط صحة.

وصلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بخمس وعشرين جزءاً كما ثبت في الحديث الصحيح وفي رواية: «صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة».

(ولا تفاضل [٣]): تفاضلاً يقتضي إعادة الصلاة في جماعة أخرى؛ وإلا فلا نزاع أن الصلاة مع الجماعة الكثيرة وأهل الفضل والصلاح أفضل من غيرها، لشمول الدعاء وكثرة الرحمة وسرعة الإجابة (وإنما يحصل فضلها) الوارد به الخبر المتقدم (بركعة) كاملة بسجدتيها مع الإمام لا أقل.

ــ

إصغاء بعضهم لبعض، وأما اجتماع جماعة يقرأ واحد ربع حزب مثلاً، وآخر ما يليه وهكذا فنقل عن مالك جوازها قال (بن) وهو الصواب.

قوله: [وأقيم القارئ] إلخ: يعني أن القارئ في المسجد يوم خميس أو غيره يقام ندباً، ولو كان فقيراً محتاجاً بشروط ثلاثة: أن تكون قراءته جهراً، وداوم على ذلك ولم يشترط ذلك واقف لأنه يجب اتباع شرطه ولو كره. وأما قراءة العلم في المساجد فمن السنة القديمة، ولا يرفع المدرس في المسجد صوته فوق الحاجة لقول مالك: وما للعلم ورفع الصوت؟ وأما قراءة القرآن على الأبواب وفي الطرق قصداً لطلب الدنيا، فحرام، لا يجوز الإعطاء لفاعل ذلك لما فيه من الإعانة على المحرم ولا سيما في مواضع الأقذار، فكادت أن تكون كفراً والرضا بها من أولي الأمر ضلال مبين.

فصل في بيان فضل صلاة الجماعة

قوله: [ولو فائتاً]: طلب الجماعة، في الفائت صرح به عيسى وذكره البرزلي ونقله (ح).

قوله: [كالجنازة]: وقيل تندب بها وهو المشهور. ولابن رشد أن الجماعة شرط فيها كالجمعة فإن صلوا عليه بغير إمام أعيدت ما لم تدفن مراعاة للمقابل.

قوله: [سنة مؤكدة]: وقال الإمام أحمد وأبو ثور وداود الظاهري وجماعة من المجتهدين بوجوبها، فتحرم صلاة الشخص منفرداً عندهم مع الصحة بل قال بعض الظاهرية بالبطلان للمنفرد وظاهر المذهب أنها سنة في البلد وفي كل مسجد وفي حق كل مصل، وهذه طريقة الأكثر، وقتال أهل البلد على تركها لتهاونهم بالسنة. وقال ابن رشد وابن بشير: إنها فرض كفاية بالبلد، فلذلك يقاتلون عليها إذا تركوها، وسنة في كل مسجد ومندوبة للرجل في خاصة نفسه، قال الأبي: وهذا أقرب إلى التحقيق.

قوله: [والأوجه في غير التراويح] إلخ: أي كما قال الحطاب وعياض.

وقال في المجموع نعم: في السنن غير الوتر من تمام السنة، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يفعلها إلا كذلك كما في (ر) ويفيده ما يأتي في العيد أنها إنما تكون سنة مع الإمام، فإذا فاتت فمندوبة خلافاً لمن أطلق الندب في غير الفرض.

قوله: [أفضل من صلاة الفذ]: ويحصل الفضل ولو بصلاة الرجل مع امرأته في بيته، وقد جمع بين الخبرين بأن الجزء أكبر من الدرجة أو أخبر أولاً بالأقل، ثم تفضل بالزيادة فأخبر بها ثانياً.

والحاصل أن المراد بالجزء والدرجة الصلاة فيكون المراد بالجزء جزء ثواب الجماعة لا جزء ثواب الفذ. فالأعداد الواردة كلها أعداد صلوات. فصلاة الجماعة ثمانية وعشرون صلاة؛ واحدة لصلاة الفذ وسبعة وعشرون لفضيلة الجماعة، على رواية سبع وعشرين. ويتخرج على ذلك بقية الأعداد الواردة في الروايات اهـ. من الحاشية. قال شيخنا في حاشية مجموعه: فلا يظهر ما تكلفه الحافظ العسقلاني والبلقيني وغيرهما في حكمة العدد السابق؛ فإنه مقصور على من سعى للمسجد إلى آخر ما ذكروه؛ إلا أن يريدوا تفضل الوهاب بما هو الشأن على الجميع.

فالشأن أن الجماعة ثلاثة كما قال البلقيني وهي حسنة لكل وهي بعشر فالجملة ثلاثون، منها ثلاثة أصول يبقى سبعة وعشرون حصل الفضل بإعطائها لكل اهـ قوله: [وإنما يحصل فضلها] إلخ: نحوه لخليل ولابن الحاجب ونقل ابن عرفة عن ابن يونس وابن رشد أن فضل الجماعة يدرك بجزء قبل سلام الإمام، نعم؛ ذكر ابن عرفة أن حكمها لا يثبت إلا بركعة لا أقل منها وهو أن لا يقتدي به وأن لا يعيد في جماعة؛ وترتب سهو الإمام وسلامه على الإمام وعلى من على اليسار وصحة استخلافه. اهـ. من حاشية الأصل.

قوله: [بركعة كاملة]: قيده حفيد ابن رشد بالمعذور بأن فاته ما قبلها اضطراراً وعليه اقتصر أبو الحسن في شرح الرسالة. ومقتضاه: أن من فرط في ركعة لم يحصل له الفضل،


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (الإمامة).
[٢] قوله: (بيان فضل) ليس في ط المعارف.
[٣] في ط المعارف: (تتفاضل)، ولعلها الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>