للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلا تجب على مسافر إذا لم ينو إقامة أربعة أيام صحاح.

فعلم أن شروط وجوبها: الذكورية، والحرية، والسلامة من الأعذار المسقطة لها، والإقامة. ولا يعد من شروطها البلوغ والعقل لأنهما لا يختصان بها؛ لأنهما شرطان في الصلاة مطلقاً، ولا يعد الشيء شرطاً في شيء إلا إذا كان مختصاً بذلك الشيء، ألا ترى أن الوضوء وستر العورة لا يعدان من شروطهما؛ لكونهما لا يختصان بها.

ولما فرغ من بيان شروط الوجوب، شرع في بيان شروط صحتها؛ وهي خمسة على سبيل الإجمال، إذ [١] كل شرط منها له شروىط. ومعلوم أن شرط الشرط شرط [٢]. فقال:

(وصحتها): أي وشروط صحتها خمسة: أولها: الاستيطان، وهو أخص من الإقامة لأنه [٣] الإقامة بقصد التأبيد؛ والإقامة [٤] أعم وإليه أشار بقوله: (باستيطان بلد): مبنية بطوب أو حجر أو غيرهما (أو) استيطان (أخصاص) من قصب أو أعواد ترم بحشيش، (لا خيم) من شعر أو قماش، لأن الغالب على أهلها الارتحال فأشبهوا المسافرين، نعم إن أقاموا على كفرسخ من بلدها وجبت عليهما تبعاً لأهله كما تقدم، ومعنى كون الاستيطان شرط صحة أنه لولاه ما صحت جمعة لأحد؛ وكما أنه شرط صحة هو شرط وجوب، أيضاً؛ إذ لولاه ما وجبت على أحد جمعة.

ويشترط لهذا الشرط شرطان: الأول كونه ببلد أو أخصاص [٥] كما قدمنا.

الثاني: كونه (بجماعة تتقرى) أي تقام وتستغني (بهم القرية) عادة بالأمن على أنفسهم والاستغناء في معاشهم العرفي عن غيرهم. ولا يحدون بحد؛ كمائة أو أقل أو أكثر، فلو كانوا لا تتقرى بهم قرية بأن كانوا مستندين في معاشهم لغيرهم، فإن كانوا على كفرسخ من قرية الجمعة وجبت عليهم تبعاً لهم، وإن كانوا خارجين عن كفرسخ لم تجب عليهم كأهل الخيم، ولو أحدث جماعة تتقرى بهم قرية بلداً على كفرسخ من بلد الجمعة لوجبت عليهم الجمعة استقلالاً.

الشرط الثاني: حضور اثني عشر رجلاً لصلاتها وسماع الخطبتين، وإليه أشار بقوله:

ــ

على عبد ولو كان فيه شائبة حرية، ولو أذن له سيده على المشهور.

قوله: [فلا تجب على مسافر]: الحاصل أن اشتراط هذه الشروط يقتضي أن المتصف بأضدادها لا تجب عليه الجمعة، وإنما الواجب عليه الظهر، فإذا حضرها وصلاها حصل له ثوابها من حيث الحضور وسقط عنه الظهر. وقال القرافي: إنها واجبة على العبد والمرأة والمسافر على التخيير، إذ لو كان حضورها مندوباً فقط لورد عليه أن المندوب لا يقوم مقام الواجب. ورد: بأن الواجب المخير إنما يكون بين أمور متساوية؛ بأن يقال: الواجب إما هذا وإما هذا. والشارع إنما أوجب على من لم يستوف شروط الجمعة الظهر ابتداء. لكن لما كانت الجمعة فيها الواجب من حيث إنها صلاة، وزيادة من حيث حضور الجماعة والخطبة، كفت عن الظهر. قال شيخنا في حاشية مجموعه: لا يلزم هذا التعب من أصله لأن العبد ينوي إذا أحرم بالجمعة الفرضية فلم ينب عن الواجب إلا واجب، فالندب من حيث سعيه لحضورها فقط. اهـ.

قوله: [إذ كل شرط منها له شروط]: علة لقوله: (خمسة) إجمالاً. وحاصل ذلك أن شروط الصحة إجمالاً خمسة: أولها الاستيطان وله شرطان: أن يكون ببلد أو أخصاص، وأن يكون بجماعة تتقرى بهم تلك القرية عادة بالأمن على أنفسهم والاستغناء إلى آخر ما قال الشارح. والشرط الثاني: حضور اثني عشر رجلاً؛ وله ثلاثة شروط: الأول: كونهم من أهل البلد. الثاني: بقاؤهم من أول الخطبتين للسلام. الثالث: كونهم مالكيين أو حنفيين أو شافعيين مقلدين لمالك أو أبي حنيفة، وإن لم ينص على هذا الشارح، والشرط الثالث: الإمام. وله شرطان: كونه مقيماً إن لم يكن هو الخليفة. وكونه الخاطب إلا لعذر؛ والشرط الرابع: الخطبتان وذكر الشارح لهما شروطاً ثمانية، ويزاد تاسع: وهو اتصالهما بالصلاة. والشرط الخامس: الجامع وله شروط أربع كما قال الشارح. فتكامل تفصيل شروط الصحة خمسة وعشرين.

قوله: [لأنه الإقامة بقصد التأبيد]: أي وأما لو نزل جماعة في بلد خراب مثلاً، ونووا الإقامة فيه مدة ثم يرتحلون فأرادوا صلاة الجمعة فيه فلا تصح منهم، بل ولا تجب عليهم إلا تبعاً لمن استوفى شروط الجمعة.

قوله: [ومعنى كون الاستيطان] إلخ: حاصله أن كون البلد مستوطنة أي: منوياً الإقامة فيه على التأبيد شرط صحة، واستيطان الشخص في نفسه شرط وجوب. فمتى كان البلد مستوطنة والجماعة متوطنة وجبت عليهم، وصحت منهم مطلقاً ولو كانت البلد تحت حكم الكفار؛ كما لو تغلبوا على بلد من بلاد الإسلام وأخذوه ولم يمنعوا المسلمين من التوطن ولا من إقامة الشعائر الإسلامية فيه كما هو ظاهر إطلاقاتهم. اهـ. من حاشية الأصل.

قوله: [كونه ببلد أو أخصاص]: أي لا خيم فلا تجب إلا تبعاً.

قوله: [بجماعة تتقرى] إلخ: أي قال شيخنا في حاشية مجموعه: بأن يدفعوا عن أنفسهم الأمور الغالبة، ولا يضر خوفهم من الجيوش الكثيرة لأن هذا يوجد في المدن، ولا بد أن يكون الأمن بنفس العدد فلا يعتبر جاه ولا اعتقاد ولاية مثلاً لأن الأمن بواسطة ذلك قد يكون مع قلة العدد جداً. اهـ.

قوله: [كأهل الخيم]: تشبيه تام في التفصيل المتقدم.

قوله: [ولو أحدث جماعة] إلخ: فعلى هذا يسوغ للكفور التي تحدث بجانب القرى إحداث جمعة


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (إذا).
[٢] في ط المعارف: (شروط).
[٣] كذا في ط الحلبية وط المعارف، ولعل الصواب: (لأن).
[٤] في ط المعارف: (الإقامة).
[٥] في ط المعارف: (خصاص).

<<  <  ج: ص:  >  >>