للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وحضور اثني عشر) رجلاً للصلاة والخطبة، ويشترط لهذا الشرط شرطان أيضاً: الأول أن يكونوا (منهم) أي من أهل البلد فلا تصح من المقيمين به لنحو تجارة إذا لم يحضرها العدد المذكور من المستوطنين بالبلد. الثاني أن يكونوا (باقين) مع الإمام من أول الخطبة (لسلامها) أي إلى السلام من صلاتها، أي سلام جميعهم، فلو فسدت صلاة واحد منهم ولو بعد سلام الإمام بطلت الجمعة، وحضور من ذكر شرط صحة (وإن) كان (في أول جمعة) أقيمت بهذا البلد فلا يشترط في أول جمعة حضور جميع أهل البلد جزماً هذا هو الصواب.

الشرط الثالث: الإمام، وإليه أشار بقوله:

(وإمام مقيم) فلا تصح أفذاذاً. ويشترط فيه الإقامة ولو لم يكن متوطناً كما أشرنا له بالوصف وأن يكون هو الخاطب، فلو صلى بهم غير الخاطب لم تصح إلا لعذر يبيح الاستخلاف كرعاف ونقض وضوء، وجب انتظاره إن قرب زوال العذر، وإليه أشار بقوله: (وكونه الخاطب، إلا لعذر).

الشرط الرابع الخطبتان وإليه أشار بقوله:

(وبخطبتين) بشروط ستة. أشار لأولها بقوله: (من قيام)، وقيل القيام فيهما سنة والأول قول الأكثر، والأظهر أنه واجب غير شرط، فإن جلس أتم وصحت.

وثانيها: أن يكونا (بعد الزوال) فإن تقدمتا عليه لم تجز.

وثالثها: أن يكونا (مما تسميه العرب خطبة) ولو سجعتين نحو: اتقوا الله فيما أمر، وانتهوا عما عنه نهى وزجر. فإن سبح أو هلل أو كبر لم يجزه.

ورابعها: (داخل المسجد) فلو خطبهما خارجه لم يصحا.

وخامسها: أن يكونا (قبل الصلاة) فلا تصح الصلاة قبلهما (فإن أخرهما) عنهما (أعيدت) الصلاة (إن قرب) الزمن عرفاً ولم يخرج من المسجد فإن طال أعيدتا لأنهما من الصلاة كركعتين من الظهر، فالطول والقرب كالمتقدمين في البناء.

وسادسها، أشار له بقوله: (يحضرهما الجماعة) الاثنا عشر؛ فإن لم يحضروا من أولهما لم يجزيا لأنهما كركعتين كما تقدم. وبقي شرطان: أن يجهر بهما وأن يكونا بالعربية ولو لأعجميين.

الشرط الخامس: الجامع وإليه أشار بقوله:

(وبجامع) فلا تصح في البيوت، ولا في براح من الأرض، ولا في خان، ولا في رحبة دار.

وله شروط أربعة: أن يكون مبنياً، وأن يكون بناؤه على عادتهم، وأن يكون متحداً، ومتصلاً بالبلد. وإليهما أشار بقوله (مبني) فلا تصح فيما حوط عليه بزرب أو أحجار أو طوب من غير بناء (على عادتهم) أي أهل البلد فيشمل بناءه من بوص لأهل الأخصاص لا لغيرهم (متحدًا [١]) بالبلد.

(فإن تعدد فالعتيق): هو الذي تصح فيه الجمعة دون غيره.

ــ

استقلالاً.

قوله: [وحضور اثني عشر رجلاً]: أي غير الإمام، وأن يكونوا مالكيين أو حنفيين أو شافعيين قلدوا واحداً منهما، لا إن لم يقلدوا. فلا تصح جمعة المالكي مع اثني عشر شافعيين لم يقلدوا. لأنه يشترط في صحتها عندهم أربعون يحفظون الفاتحة بشداتها.

قوله: [بطلت الجمعة]: أي ولو دخل بدله مسبوق فاتته الخطبة.

قوله: [هذا هو الصواب]: أي وهو أن الجماعة الذين تتقرى بهم القرية وجودهم فيها شرط وجوب وصحة، وإن لم يحضروا الجمعة بالفعل. والاثنا عشر حضورهم شرط صحة تتوقف الصحة على حضورهم بالفعل في كل جمعة، لا فرق في ذلك بين الأولى أو غيرها. فلو تفرق من تتقرى بهم القرية يوم الجمعة في أشغالهم - ولم يبق إلا اثنا عشر رجلاً والإمام - جمعوا، كما قاله ابن عرفة. وما مشى عليه خليل ضعيف.

قوله: [ويشترط فيه الإقامة] إلخ: هذا هو المعتمد وهو ما عليه ابن غلاب والشيخ يوسف بن عمر وجمهور أهل المذهب، فلو اجتمع شخص مقيم واثنا عشر متوطنون تعين أن يكون إماماً لهم. ويلغز بها فيقال: شخص إن صلى إماماً صحت صلاته وصلاة مأموميه، وإن صلى مأموماً فسدت صلاة الجميع انظر المج.

قوله: [ووجب انتظاره]: أي والفرض أن ذلك العذر طرأ بعد الشروع في الخطبة، سواء كان قبل تمامها أو بعده، أما لو حصل قبل الشروع فيها فإنه ينتظر إلى أن يبقى من الاختياري ما يسع الخطبة والجمعة، ثم يصلونها هذا إذا أمكنهم الجمعة دونه، وأما إذا كان لا يمكنهم الجمعة دونه فإنه ينتظر إلى أن يبقى مقدار ما يسع الظهر ثم يصلون الظهر أفذاذاً في آخر الوقت المختار، وهذا هو المنقول. اهـ. من الحاشية.

قوله: [إن قرب زوال العذر]: ويعتبر فيه العرف، وقال البساطي: بقدر أولتي الرباعية، والقراءة فيهما بالفاتحة وما تحصل به السنة من السورة.

قوله: [فإن سبح أو هلل] إلخ: أي خلافاً للحنفية فإنهم قالوا بإجزاء ذلك.

قوله: [كالمتقدمين في البناء]: أي في سجود السهو وهو العرف، أو الخروج من المسجد.

قوله: [يحضرهما الجماعة]: أي سواء حصل منهم إصغاء أم لا، فالذي هو من شروط الصحة الحضور لا الاستماع والإصغاء. وذكر بعضهم: أن حضور الخطبة فرض عين ولو كثر العدد جداً، وهو ضعيف، والحق أن العينية إذا كان العدد اثني عشر، فما زاد على ذلك لا يجب عليه حضور الخطبة.

قوله: [أن يجهر بها] أي ولو كانت الجماعة صماً.

قوله: [وأن يكونا بالعربية]: فلو كان ليس فيهم من يحسن الإتيان بالخطبة لم يلزمهم جمعة.

قوله: [فلا تصح في البيوت] إلخ: أي لأنه لا يسمى مسجداً إلا إذا كان ذا بناء معتاد خارجاً لله لخصوص الصلاة والعبادة قال تعالى: {وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا} [الجن: ١٨].

قوله: [فإن تعدد فالعتيق]: أي ولا تصح في الجديد، ولو صلى فيه السلطان فإن لم يكن هناك عتيق بأن بنيا في وقت واحد ولم يصل في واحد منهما صحت الجمعة فيما أقيمت فيه بإذن السلطان أو نائبه، فإن أقيمت فيهما بغير إذنه صحت للسابق


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (متحد).

<<  <  ج: ص:  >  >>