للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمراد بالعتيق ما أقيمت فيه الجمعة ابتداء ولو تأخر بناؤه عن غيره فالجمعة له، (وإن تأخر أداء) أي وإن تأخر أداء الجمعة فيه عن الجديد فالصلاة في الجديد، وإن سبقت فاسدة ما لم يهجر العتيق، فالجمعة لا تكون إلا متحدة في البلد متى أقيمت لا تصلى بجماعة بعد لا في العتيق ولا غيره، وإن صليت في غيره قبله فباطلة (متصل ببلدها) حقيقة أو حكماً بأن انفصل عنها انفصالاً يسيراً عرفاً (لا إن انفصل كثيراً) فلا تصح به الجمعة (أو خف بناؤه) عن عادة أهل البلد فلا تصح فيه، وهذا مفهوم قوله: على عاداتهم.

ثم أشار لنفي أمور قيل بشرطيتها، والراجح عدم اشتراطها بقوله:

(ولا يشترط سقفه) على الراجح (ولا قصد تأبيدها): أي إقامة الجمعة (به): أي فيه، فتصح في مسجد قصدوا بعد مدة الانتقال لغيره ولو لغير عذر، (أو إقامة) الصلوات (الخمس) فيه لا يشترط فتصح في جامع لم يصل فيه إلا الجمعة.

(وصحت) الجمعة (برحبته) وهي ما زيد خارج محيطه لتوسعته (وطرقه المتصلة) به من غير فصل بيوت أو حوانيت أو أشياء محجورة (مطلقاً) ضاق المسجد أو اتصلت الصفوف أم لا.

(ومنعت) الجمعة (بهما) أي بالرحبة والطرق المتصلة - وإن صحت - (إن انتفى الضيق و) انتفى (اتصال الصفوف). وما مشى عليه الشيخ ضعيف. (لا) تصح (بسطحه)، ولو ضاق بالناس.

(ولا بما) أي بكل مكان (حجر) أي كان محجوراً (كبيت قناديله) أو حصره أو خلوه لخادم من خدمته كمؤذن. (ودار وحانوت) بجواره [١].

ثم شرع في بيان السنن والمندوبات فقال:

ــ

بالإحرام إن علم وإلا حكم بفسادها في كل منهما كذات الوليين، ووجب إعادتها للشك في السبق جمعة إن كان وقتها باقياً وإلا ظهراً.

قوله: [والمراد بالعتيق] إلخ: أشار بهذا إلى أن العتاقة تعتبر بالنسبة للصلاة لا بالنسبة للبناء.

قوله: [وإن تأخر أداء]: أي في غير المرة الأولى التي صار بها عتيقاً.

قوله: [ما لم يهجر العتيق]: أي وينقلوها للجديد، وسواء كان الهجر للعتيق لموجب أو لغيره. وظاهره: دخلوا على دوام هجران العتيق أو على عدم دوام ذلك، فإن رجعوا للعتيق مع الجديد فالجمعة للعتيق، وينبغي أن لا يتناسى الأول بالمرة فيكون الحكم للثاني. قال شيخنا في حاشية مجموعه: واعلم أن خشية الفتنة بين القوم -إذا اجتمعوا في مسجد- تبيح التعدد كالضيق، وأما خوف شخص وحده فهو من الأعذار الآتية، ولا يحدث له مسجداً أو يأخذ معه جماعة. والضيق على من يخاطب بها شرعاً ولعله إن خشي من التوسعة التخليط وإلا فيجبر الملاك على التوسعة. اهـ. ومثل هجر العتيق حكم حاكم بصحتها في الجديد تبعاً لحكمه بصحة عتق عبد معين مثلاً علق سيده عتقه على صحة الجمعة في ذلك المسجد، بأن يقول باني المسجد أو غيره لعبد معين مملوك له: إن صحت صلاة الجمعة في هذا المسجد فأنت حر فبعد الصلاة فيه يذهب ذلك العبد إلى القاضي الحنفي فيقول ادعى علي سيدي أنه علق على صحة صلاة الجمعة في ذلك المسجد عتقي، وقد صليت الجمعة فيه، فيقول ذلك القاضي حكمت بعتقك فيسري حكمه بالعتق إلى صحة الجمعة المعلق عليها، لا فرق بين السابقة على الحكم والمتأخرة عنه، فالحكم بالصحة تابع للحكم بالعتق، لأن الحكم بالمعلق يتضمن الحكم بحصول المعلق عليه، وإنما لم يحكم بالصحة من أول الأمر لأن الحكم الحاكم لا يدخل العبادات استقلالاً، بل تبعاً كما للقرافي وهو المعتمد، خلافاً لابن رشد حيث قال: حكم الحاكم يدخلها استقلالاً كالمعاملات قوله: [حقيقة أو حكماً] إلخ: ولا يضر خراب ما حوله، وفي الحطاب عن ابن عمر وغيره: أن الانفصال اليسير هو أن ينعكس عليه دخانها، وحده بعضهم بأربعين ذراعاً أو باعاً كما يؤخذ من المجموع وغيره.

قوله: [أو خف بناؤه]: أي بأن كان أهل البلد يبنون بالأحجار أو بالطوب المحروق وبناؤه بالنيء، أو كان أهل البلد يبنون بالنيء وبناؤه بالبوص.

قوله: [ولا يشترط سقفه] إلخ: هذا هو الحق في تلك المسائل الثلاث كما في الحاشية وغيرها.

قوله: [من غير فصل ببيوت] إلخ: أي فلو فصل بين حيطانه والطرق بحوانيت كالجامع الأزهر بمصر، فظاهره يضر وهو ما يفيده كلام الشيخ سالم واستظهره في الحاشية

قوله: [ومنعت الجمعة] إلخ: أي كرهت كراهة شديدة كما في المجموع ومما يلحق بالطرق المتصلة المدارس التي حول الجامع الأزهر، وأما الأروقة التي فيه فهي منه فتصح الجمعة فيها من غير شرط ما لم تكن محجورة، وإلا كانت كبيت القناديل ومقامات الأولياء التي في المسجد كمقام أبي محمود الحنفي أو الحسين أو السيدة من قبيل الطرق المتصلة، فتصح فيها الجمعة ولو كان ذلك المقام لا يفتح إلا في بعض الأوقات كما قرره شيخ مشايخنا العدوي.

قوله: [لا تصح بسطحه] إلخ: أفهم كلامه صحتها بدكة المبلغين وهو كذلك إن لم تكن محجورة في سائر الأوقات، والفرق بين سطحه والطرق أن الطرق متصلة بأرضه، فتصح فيها وإن كانت أعلى من السطح، والقول بعدم صحتها على السطح قول ابن القاسم في المدونة، وقيل بصحتها عليه مطلقاً وهو لمالك وأشهب ومطرف وابن الماجشون، قالوا وإنما يكره ابتداء وقيل بصحتها عليه للمؤذن لا غيره وقيل إن ضاق المسجد


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] قوله: (ودار وحانوت بجواره) ليس في ط المعارف.

<<  <  ج: ص:  >  >>